Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

"كُنَّا كِدَا"

* اشتهرت جدة عروس البحر منذ القدم بأنها محطّ أنظار واهتمام الشعراء والأدباء القاطنين فيها والقادمين إليها من مدن الحجاز وسائر مناطق ومدن الوطن الكبير، ففي أروقة (مقاعدها) العتيقة التي تُعانق رواشينها

A A
* اشتهرت جدة عروس البحر منذ القدم بأنها محطّ أنظار واهتمام الشعراء والأدباء القاطنين فيها والقادمين إليها من مدن الحجاز وسائر مناطق ومدن الوطن الكبير، ففي أروقة (مقاعدها) العتيقة التي تُعانق رواشينها ضفاف أزقتها المُعبّقة بنسيم شجر النيم ورطوبة البحر، هناك جدة المكان والزمان كانت تلك المقاعد تَعّج بمبارزة الشعراء وسجال الأدباء وتنظير الكتّاب والمفكرين، وقلما مرّ شاعر في وطننا الغالي ولم يُعرّج على جدة الحجاز ويمتّع ناظريه بصفاء بحرها الذي يحاكي قلوب أهلها ونسيم شواطئها..، جدة التي تغنّى بها الشعراء وغازل ربيعها العشّاق وقصيدة الشاعر المتألق حمزة شحاته الخالدة في وصفها تكشف مظاهر الافتتان بالعروس والإبداع في وصفها ومنها:
النـهى بـين شـــاطـئيك غريق
والهوى فيك حالم ما يفيق
ورؤى الحب في رحابك شتى
يستفزّ الأسير منها الطليق
ونظم غيره من الشعراء في حب جدة والتغزّل بها الكثير من الشعر غير أن للشعر الشعبي الحجازي القديم نكهته وفنّه الجميل الذي تطرب له الذائقة الحجازية المولعة بمفرداتها العتيقة، ومن ذلك المنطلق ومن خلال الإبحار في ماضي تراث جدة، والوقوف على أطلال أزقة الحارات في جدة التاريخية كانت فكرة انطلاقة مهرجان جدة التاريخية (1) في العام الماضي، الذي شَرفتُ فيه بكتابة نص الأوبريت، الذي صاحب الافتتاح الرسمي حينذاك..
* وتعود الأيام وتتكرر الاحتفالية وتشحذ الهمم وتتسابق الاستعدادات لمهرجان جده التاريخية (2) بكل فعالياته وبرامجه وأنشطته التي يمكن القول بأنها مختلفة ومثيرة جدًا هذا العام، ومن ضمن المثير فيها والجدير بالإشارة والذكر هو المسابقة الشعرية الخاصة بالمهرجان فانطلاقًا من تلك المعطيات السالف ذكرها في بداية المقال ارتأى صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد محافظ جدة رئيس اللجنة المنظّمة لمهرجان جدة التاريخية من خلال هذه المسابقة إحداث حِراك شعري ثقافي يُعنى بالشعر والشعراء الموهوبين في جدة لتحقيق عدد من الأهداف منها:
- إطلاق حماس المواهب الشعرية الشابة من الشباب والفتيات والمنافسة بينها وتشجيعها.
- إثراء البيئة الثقافية والشعرية بالجديد في شعر جدة والتغنّي بوصفها.
- وأخيرًا إحياء المسامرات والمساجلات الأدبية والشعرية التي طالما زَخُرت بها أزقة ومقاعد ومقاهي جدة القديمة وهي أهداف تحقق دون شك حراكًا ثقافيًا خلال فترة مهرجان جدة التاريخية.
- وفكرة المسابقة والجديد فيها أنها سوف تتيح للشباب المنافسة على مسرح المهرجان لتكون المنافسة حية على الهواء أمام الجمهور الذي سوف يرتاد المهرجان طيلة فترة إقامته مصاحبة لبرامج وفعاليات الخيمة الثقافية.. وهي فرصة لإحياء المسامرات القديمة.
- وتنقسم المسابقة الشعرية لهذا المهرجان- وهي الأولى من نوعها في جدة التاريخية- إلى قسمين:
الأول: مسابقة الشعر الفصيح العمودي المقفّى التي سوف يشرف عليها ويحكمّها ويتابعها بتكليف من مقام المحافظة نادي جدة الأدبي الثقافي.
والقسم الثاني: من المسابقة فهو يُعنى بالشعر الشعبي الحجازي القديم ويحكمهّا ويشرف عليها مقعد جدة وأيامنا الحلوة.
* أما شروط المسابقة فقد كانت مرنة لم تضّيق واسعًا إذ أتاحت الفرصة للمشاركة من قبل كل المقيمين بجدة ولا تزيد أعمارهم عن 35 عامًا بغية تشجيع المواهب الشابة والأخذ بأيديها. وأن يكون موضوع القصيدة في وصف جمال الصورة التاريخية القديمة في جدة ومظاهرها الجمالية والدعوة إلى إعادة بناء وترميم القديم في صورته المشرقة بهمة وسواعد أبناء جدة، واستخدام المفردات الحجازية العتيقة فيما يتعلق بالشعر الحجازي الشعبي.
* الجدير بالذكر هنا أن اللجنة المنظّمة لمهرجان جدة التاريخية قد رصدت جوائز قيمّة للفائزين، فالشعر الفصيح جوائزه:
- المركز الأول (شاعر كنا كِدا) 25,000 ريال والثاني 15,000ريال والثالث 10,000ريال.
- أما المسابقة للشعر الشعبي فجوائزها:
المركز الأول 15,000ريال والثاني 10,000ريال والثالث5,000 ريال.
وبدأ التقديم للمسابقة منذ 10 ديسمبر وسوف يستمر حتى 8 يناير 2015.
* وقد اضطلع نادي جدة الأدبي الثقافي بمسؤولياته كمشرف على تنظيم وتحكيم وتنسيق المسابقة للشعر الفصيح بما يثري برنامجها وفعاليات المنافسة فيها خلال المهرجان وبما يحقق أهداف المسابقة التي ارتأتها اللجنة العليا لمهرجان جدة التاريخية.
* بقي أن أشير بالتقدير والعرفان لما تقوم به محافظة جدة وسمو المحافظ على رأسها من دور إيجابي وحيوي في إحياء تراث جدة وإعادة الناس والنشء للارتباط بالمنطقة التاريخية مشاركة مع هيئة السياحة وتحت إشراف أمارة منطقة مكة المكرمة وسمو أميرها الشاب الطموح الذي يسابق الزمن في ترك بصماته على جدارية العروس ومنطقة مكة، وهو ما يثلج صدور أبناء جدة القديمة وقاطنيها والمقيمين فيها فهي مدينة الجمال، التي لها نكهتها الجاذبة لأي زائر فلا يلبث أن يعود إليها.
* وفكرة تقديم مثل هذه المسابقات الشعرية خلال المهرجان فكرة رائدة، فالمهرجان أصبح يشهد تطويرًا متعدد الجوانب ليس في احتفالية الافتتاح الرسمي فحسب ولكن في الفعاليات والبرامج المصاحبة، التي سوف تتجاوز هذا العام المعارض والصور والبيوت المرممة والمطوّرة إلى إحداث حراك ثقافي في المنطقة وعبر المهرجان من خلال عدد من الفعاليات في الخيمة الثقافية والمسرح الشعري في مسابقة الشعراء.
أما اللافت للأمر فهو ذلك التعاون الوثيق بين المحافظة بإشراف مقام الأمارة وهيئة السياحة في فريق عمل يسهم إيجابيًا للنهوض بهذه المنطقة وتحقيق ما يصبو إليه أبناؤها والمقيمون فيها..
والشكر موصول للشركة المنظّمة للمهرجان Benchmark ولاستشاري المهرجان (مقعد جدة وأيامنا الحلوة) على الجهود المتواصلة لفرق العمل في سبيل تحقيق أهداف المهرجان.
** دوحة الشعر:
زمان في سالف الأزمان
وجدة صغيرة .. كان ما كان..
وقرية بحرها مالح..
وما في زحمة في السكان..
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store