Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

السقوط الذريع لنموذج حرية الكلمة الأمريكي

تزعم الولايات المتحدة الأمريكية لنفسها الفوقية الأخلاقية على بقية خلق الله على الكرة الأرضية، وأنها الدولة الديموقراطية الأولى على مستوى العالم، وأن ديموقراطيتها يحميها الدستور الأمريكي الذي تكفل أولى فقراته للمواطنين حرية ممارسة الشعائر الدينية وحرية الكلمة وإبدأ الرأي وحرية الصحافة والإعلام وحرية التجمع وحرية تشكيل منظمات المجتمع المدني وحرية التظلم ضد الدولة لتصحيح المسار وحرية الأفراد في اقتناء وحمل السلاح، كما تمنع فقرة الدستور المشار إليها الكونغرس الأمريكي من استحداث قوانين تتعارض مع هذه الحريات الأساسية، وتمنع كذلك الحكومة الفدرالية من سلب حياة أي فرد أو تجريده من حريته أو ممتلكاته دو

A A
تزعم الولايات المتحدة الأمريكية لنفسها الفوقية الأخلاقية على بقية خلق الله على الكرة الأرضية، وأنها الدولة الديموقراطية الأولى على مستوى العالم، وأن ديموقراطيتها يحميها الدستور الأمريكي الذي تكفل أولى فقراته للمواطنين حرية ممارسة الشعائر الدينية وحرية الكلمة وإبدأ الرأي وحرية الصحافة والإعلام وحرية التجمع وحرية تشكيل منظمات المجتمع المدني وحرية التظلم ضد الدولة لتصحيح المسار وحرية الأفراد في اقتناء وحمل السلاح، كما تمنع فقرة الدستور المشار إليها الكونغرس الأمريكي من استحداث قوانين تتعارض مع هذه الحريات الأساسية، وتمنع كذلك الحكومة الفدرالية من سلب حياة أي فرد أو تجريده من حريته أو ممتلكاته دون إجراءات قانونية عادلة. انطلاقاً من هذه الحريات الداخلية وغيرها تنصّب أمريكا نفسها حكماً أخلاقياً ذاتياً على ممارسات حقوق الإنسان في جميع دول العالم شرقها وغربها وشمالها وجنوبها وتصدر تقارير سنوية بشأن ذلك دون أن تشمل تلك التقارير تقييماً ذاتياً كمن يصف الدواء للناس وهو عليل، وتدس أنفها - رغم أنها ترتكب خارج حدودها كل أنواع الجرائم ضد الإنسانية - في شؤون الدول الأخرى لا سيما الدول العربية والإسلامية وخصوصاً في مجال «حرية» المرأة. لكن ما مدى مصداقية التزام الولايات المتحدة بهذه الحريات في الداخل الأمريكي دون انتقائية أو استثنائية عندما يتعلق الأمر بحرية الرأي ضد الجرائم الإسرائيلية ضد الإنسانية، لا سيما من خلال قصة إجبار صحافية البيت الأبيض المخضرمة هيلين توماس ( 89 سنة، ومن أصل لبناني ) على الاستقالة رغم تاريخها الصحفي المجيد بالمقاييس الأمريكية في خدمة البيت الأبيض على خلفية إجابتها على سؤال ضمن غمار أحداث الاعتداء الإسرائيلي الدامي على ركاب سفينة الحرية مافي مرمرة وقتل تسعة من ركابها، كان السؤال عن تصورها للحل الجذري للمشكلة الإسرائيلية، فجاءت إجابتها التي سجلتها كاميرا الفيديو صاعقة ( أن يعود اليهود من حيث جاءوا إلى بولندا وألمانيا وأمريكا ... ). غلطة لا تغفرها كل أعراف الحريات الأمريكية وفقرات الدستور الأمريكي وجميع ممارسات حرية الكلمة وحرية الصحافة ... الخ المزاعم حرية الكلمة وإبداء الرأي الكاذبة المتهافتة. إن الحادثة بكل تفاصيلها التي تشتمل على تحركات اللوبي الصهيوني الأمريكي لتجريد هيلين توماس من جميع الجوائز الصحفية التي نالتها وفازت بها خلال تاريخها الإعلامي الحافل لا تقل عن مشهد ذريع لنموذج حرية الكلمة التي لم تزل تتغنى بها المؤسسات السياسية والإعلامية الأمريكية. يعدد العارفون بمداخل ومخارج المؤسسة الصحافية المرتبطة بالبيت الأبيض لهلين توماس التالي : بأنها الوحيدة بين مراسلي البيت الأبيض التي تحلت بالقدر الكافي من الجرأة على طرح الأسئلة المحرجة على مدى سنوات عن الحروب الأمريكية لصالح اليهود، وبأن الإجابة التي ردت بها على السؤال المصيدة عن اليهود وفلسطين تشتمل في طياتها على رفض مبطن لنظرية شعب الله المختار وعلى ابتزاز العالم الغربي بعقدة الذنب بمحرقة اليهود بغض النظر عن صحة الادعاء كمبرر لارتكاب كل أنواع الجرائم ضد الإنسانية دون تحمل التبعات، كما أن تصريحات هيلين توماس قد وفرت في حد ذاتها لإسرائيل ومن ورائها يهود العالم صارفا للأنظار والأسماع عن القصة الأساسية وهي العدوان الإسرائيلي الدامي على سفينة الحرية مافي مرمرة في المياه الدولية وهي تحاول كسر الحصار عن غزة وأهلها والتداعيات العالمية لذلك العدوان. إن في النهاية الغريبة للحياة المهنية الناجحة جداً والطويلة جداً لهيلين توماس كمراسلة البيت الأبيض المفضلة والتي لم يفد في تغييرها كل أنواع الاعتذارات والتأسفات التي قدمتها هيلين بعد ذلك لتأكيد لكل المتشككين من هم سادة أمريكا الحقيقيون ومن يسيطر على صناعة القرار وعلى الإعلام فيها ناهيك عن المؤسسة السياسية والمالية، لقد ساعدت تلك الحادثة في تعرية الحقيقة كما هي. هذا السقوط المعنوي الذريع للولايات المتحدة الأمريكية هو بمثابة الإرهاصات والمؤشرات على السقوط الفعلي الوشيك للولايات المتحدة الأمريكية إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا التي يرى البعض من كبار المفكرين الاستراتيجيين فيها أن كارثة خليج المكسيك النفطية والتي يرى العديد من خبراء التنقيب عن الزيت أن الأمل الوحيد المتبقي لإيقاف ذلك النزيف النفطي بسببها هو التفجير النووي لقنابل ذرية صغيرة نسبياً فوق الموقع على أمل أن تذيب حرارة التفجير النووي الصخور وتصهرها وتسد الفتحات المتعددة وكسور قاع المحيط التي تبين أن بعضها يقع على بعد أميال من فوهة البئر، وإلا تحولت الكارثة إلى كارثة وطنية أمريكية كبرى وربما عالمية ولاستمر التدفق لعشرات السنوات القادمة. وأن هذه الكارثة البيئية السكانية الاقتصادية السياسية المتفاقمة ستعجل بشكل كبير في نهاية الامبراطورية الأمريكية وذلك في بحر عام 2010 م. ستواجه إسرائيل حينذاك مصيرها دون الدعم الأمريكي غير المشروط بعد أن اقتنع العالم قناعة مطلقة بأن إسرائيل هي أخطر دولة إطلاقاً على السلم العالمي بتصرفاتها العدوانية العنصرية المتغطرسة وعدوانيتها ضد الإنسانية من منطلقات المعتقدات الوهمية بأن اليهود هم شعب الله المختار، خصوصاً وأن شبكة النت تزخر مؤخراً بأخبار عن تقرير أخير صدر عن سي أي أيه الأمريكية يتنبأ بزوال دولة إسرائيل خلال عشرين سنة من الآن. فإن يك صدر هذا اليوم ولّى فإن غداً لناظره قريب.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store