Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

التنوع أمان لمتغيرات الزمان

تتوجسُ الدولُ النفطية خوفاً ، من أيامٍ تتهيبها اقتصادياتها كثيراً ، وتحسب لها ألف حساب ، وذلك نظراً للانخفاض الكبير والتراجع الحاد الذي تواجهه أسعار النفط في الآونة الأخيرة ، ويكمن السبب في تراجع الطل

A A
تتوجسُ الدولُ النفطية خوفاً ، من أيامٍ تتهيبها اقتصادياتها كثيراً ، وتحسب لها ألف حساب ، وذلك نظراً للانخفاض الكبير والتراجع الحاد الذي تواجهه أسعار النفط في الآونة الأخيرة ، ويكمن السبب في تراجع الطلب العالمي ووفرة المعروض ، وتتفاوت درجة المخاوف بين البلاد المنتجة ، حيث تقَّل نسبة القلق لدى الجهات التي تتنوع فيها الموارد الاقتصادية ، بينما تزداد لدى الاقتصادات المعتمدة كلياً على النفط لأنه أهم مواردها المالية ، مع احتمال تزايد الانخفاض مما يضاعف خوفها على مستقبلها الاقتصادي .
وشملتنا في السعودية تلك العاصفة المفاجئة ، وبعد التروي ودراسة الأمر جيداً تبين أنه لا داعي للمبالغة في القلق ، رغم أن السعودية تتربع على عرش أكبر منتجي النفط في العالم ، إذ يبلغ انتاجها اليومي عشرة ملايين برميل ، مما يجعلها مصدراً هاماً للطاقة بالنسبة للكثير من الاقتصادات العملاقة ، لذا يجب أن نعي جيداً الآثار التي سيترتب عليها هذا التراجع في الأسعار وضرورة تحديد تداعياته المستقبلية ، وعلينا عدم الركون الى قوة اقتصادنا الوطني ومتانته بدرجةٍ تنسينا أن نواجه التحديات التي تعيق مسيرة أي اقتصاد ، عندها سنلاحظ تباطؤ الاقتصاد وزيادة نسبة البطالة ، وستكون الأجواء أكثر ضبابية ، ونحن نرى حركةً نشطةً بزيادة إنتاج النفط الصخري ، علماً بأن انتاج أمريكا للنفط بلغت زيادته 50% لتصبح أكبر منتج للنفط ، فإذا استمر الحال على ما هو عليه ، فمن المؤكد أن تتوقف أمريكا عن استيراد النفط وتبدأ مرحلة التصدير ، وبما أن تمويل الموازنة السعودية يعتمد أساساً على إيرادات النفط بنسبةٍ تصل 90% ، فإن اقتصاد المملكة يعتمد على الإنفاق الحكومي ، وهذا يؤثر تأثيراً بليغاً على الاقتصاد السعودي مع ظروف الانخفاض الشديدة في أسعار النفط ، ومن المؤكد أن الحال إذا بقي على نفس المنوال لفترةٍ طويلة فإن أوضاعاً أخرى يتوقعها الخبراء الذين يرون بمنظارٍ مخالفٍ لرؤيتي الشخصية ، مؤكدين أن انخفاض الأسعار سيؤثر على اقتصاد المملكة ودول الخليج بصورةٍ لا تخلو من خطر محتمل ، إذ إن نسبة الانخفاض بلغت 40% ، ويعني هذا الرقم الكبير ما يحمله الغد من انخفاض حاد على الإيرادات المالية ، لهذا لا بُد من اتخاذ الحيطة والحذر ، ولا بُد أن تدفع الظروف المفاجئة إلى وضع استراتيجية لإعادة هيكلة الاقتصاد الوطني وتحديث سياسته ، وذلك بتنويع قاعدة الإنتاج وما يصحبها من تنويع مصادر الدخل ، بدلاً من الاعتماد على إيرادات النفط بنسبة 90% علماً بأنه مصدرٌ قابلٌ للتغيرات مما يُعد خطورة تستلزم تنويع قاعدة الانتاج وهو خير وسيلة وأفضل علاج لمواجهة التغيرات المستقبلية ويجب أن يتجه المتضررون لتحفيز التنوع الاقتصادي عبر الصناعة والخدمات والزراعة ، فالتنوع أمان لمتغيرات الزمان .
إننا مطمئنون جداً لأن تلك الظروف ستنجلي وأن كل المخاوف ستختفي ، لثقتنا في القائمين على أمر اقتصادنا وتخطيط سياساته بالصورة التي تجعله دائماً قوياً ومتيناً ، فقد أراحتنا كلمات معالي وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف حفظه الله ، بخصوص وضع الانفاق الحكومي في الموازنة العامة للدولة ، كما استبعد فكرة تخفيض المملكة لإنتاجها مؤكداً أن تراجع الأسعار أمر طبيعي ، فللمملكة سياسة مالية واضحة تهدف للاستفادة من الفوائض المالية المتحققة نتيجة لارتفاع الإيرادات العامة للدولة في بناء احتياطيات مالية وخفض الدين ، والاستفادة من كل ذلك في وقت الحاجة والضرورة مثل الظروف الحالية ، لذا فستمضي الحكومة واثقةً مطمئنةً بعون الله في تنفيذ مشاريعها العملاقة ، بعد أن تضع لتلك التحديات العلاج اللازم ، فنرجو أن تكون معضلة الانخفاض وتراجع الأسعار وقتيةً لا يطول أمدها ، ومع ذلك نقول : لا بُد من التخطيط الجاد لتنويع مصادر الانتاج بالصورة التي تضمن عدم تعثر اقتصادنا الوطني وتأثره بتقلبات ومفاجآت المصدر الواحد .
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store