أعجب كثيراً لقيام بعض الصحف الغربية باستقاء أخبارها من هاشتاقات على تويتر ليس لمن قام بإنشائها أي صفة أو اعتبار، بل وربما أنه يحمل اسماً مستعاراً لا وجود له. صحيفة الديلي ميل البريطانية مثلاً دأبت مؤخراً على القيام بذلك لدرجة يشعر معها القارئ لما تكتبه من أخبار عن السعودية بأن لديها محرراً مختصاً بمتابعة الشأن السعودي عبر هاشتاقات تويتر وترجمتها للإنجليزية ونشرها على أنها حقائق وأخبار هامة ومؤثرة. ولكي أكون منطقياً فإني لا ألوم صحيفة الديلي ميل أو غيرها من صحف غربية على خوضها في مستنقعات تويتر بحثاً عن أي معلومات أو نقاشات أو هاشتاقات تجعل منها خبراً صحفياً، ولكني ألوم وقبل كل شيء أولئك الذين يتفننون يومياً في صناعة “الهاشتاقات” المسيئة لنا كبلد وكمجتمع دون إدراك منهم أن أي تشويه لصورة بلدهم في الخارج هو تشويه لصورتهم هم أنفسهم كسعوديين أولاً وقبل كل شيء. أنا قطعاً لست ضد “الهاشتاقات” بل إني أرى أنها ابتكار إبداعي أثبت نجاحاً إعلامياً منقطع النظير بكل اللغات، أنا فقط ضد هذا الهوس الذي اجتاح مستخدمي تويتر في المملكة بإنشاء الهاشتاقات، وكأنهم في سباق محموم لا يعنيهم فيه مضمون الهاشتاق أو صدقه بقدر ما يهمهم رؤيته في قائمة الـ Trands . أحد أمثلة هذه الهاشتاقات المسيئة حمل اسم #الخطوط_السعودية_تمنع_الاختلاط، زاعماً أن أحد مسؤولي الخطوط السعودية صرح بذلك عبر صفحته على تويتر، وحقق انتشاراً كبيراً رغم أن ذلك المسؤول علق مراراً وتكراراً داخل الهاشتاق بأنه لم يصرح بذلك مرفقاً صورة لما قاله وهي تغريدة واحدة لا تتجاوز الرد على شخص كان يشكو من تأخر الرحلة التي كان عليها بسبب إصرار أحد الركاب على تغيير المقاعد لتجلس جميع نساء عائلته بجوار بعضهن. وكل ما قاله المسؤول في تغريدته هو: “هناك حلول بدأ تطبيقها هذا الأسبوع ننتظر نتائجها”.. وبقدرة قادر تم تحوير ذلك الرد الى أن #الخطوط_السعودية_تدرس_منع_الاختلاط على رحلاتها.
لا أريد أن أفترض سوء النية، ولكن هذا التحوير ليس مجرد سوء تعبير، بل هو تزييف متعمد بقصد جذب المغردين للهاشتاق حتى لو كان ذلك بتحريف كلام الآخرين والإساءة لمؤسسة وطنية ضخمة. والمؤسف انطلاء هذه الحيلة على كثير من المغردين ومنهم مثقفون وإعلاميون معروفون بعدالتهم ورزانتهم، لكن فاتهم كما يبدو هذه المرة التحقق من صحة الهاشتاق قبل المشاركة فيه.
مثال آخر لهاشتاق كاذب ومسيء هو #تنصُّر_زوجة_مبتعث والذي نفاه الملحق الثقافي السعودي لدى الولايات المتحدة، مؤكداً أنها إشاعة لا تعدو كونها جزءًا من الخطوات الهادفة لتشويه ومحاربة برنامج الابتعاث.
ختاماً، لقد أدت تكنولوجيا الإعلام الجديد وصحافة المواطن إلى تحويل العالم لقرية صغيرة تلاشت فيها الحدود بين الخبر الداخلي والخبر الخارجي، وأي معلومات مغلوطة أو مكذوبة ينشرها بعضنا بحسن أو سوء نية سوف تتلقفها فوراً وسائل اعلام أجنبية متعطشة للإساءة لنا كسعوديين وتشويه صورة بلدنا، وهذا ماينبغي لنا جميعاً رفضه وتفنيده، أو على أقل تقدير عدم المشاركة فيه دون تحقق وتمحيص..
عندما “نهشتق” أنفسنا ونحن لا نشعر
تاريخ النشر: 07 يناير 2015 00:33 KSA
أعجب كثيراً لقيام بعض الصحف الغربية باستقاء أخبارها من هاشتاقات على تويتر ليس لمن قام بإنشائها أي صفة أو اعتبار، بل وربما أنه يحمل اسماً مستعاراً لا وجود له.
A A