Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الإعلام الحرّ وهوس الجماهير

أرى أن الإعلام الحرّ ضرورة للتقليل من هوس الجماهير والذي قد يصدر عنه الإجرام.

A A

أرى أن الإعلام الحرّ ضرورة للتقليل من هوس الجماهير والذي قد يصدر عنه الإجرام.
يطرح غوستاف لوبون في كتابه «سيكولوجية الجماهير» أن هناك روحًا للجماهير وهذه الروح يمكن أن تقسم الى انفعالات بدائية ومكرسة للعقائد الإيمانية القوية وهي أبعد ما تكون عن التفكير العقلاني أو المنطقي.
ولذا ثارت الجماهير باسم الفاشية والنازية في أكثر الدول تحضرًا في ذلك الوقت: ألمانيا.. فلم يستطع عصر التنوير من أن يمنع ذلك؟. رد المؤلف أن الجمهور يتصرف بالعقل اللا واعي.. ويتبع أساطير غير واقعية ولا عقلانية من أجل تحريك الطبقة العمالية فبدون الوهم والحلم ما ثارت الجماهير الجائعة في الماضي أو المستقبل.
ومن عدم عقلانية الجماهير هو تكرار الثورة لتعكس ما صنعته سابقتها مرارًا وتكرارًا- كما حدث في فرنسا أيام الثورة الفرنسية.. تمامًا كالمنوم مغناطيسيًا..
فالجمع الجماهيري لا يساوي جمع أفكار الأجزاء بل تنصهر أفكارهم في بنية واحدة كثيرًا ما تحرّض على الإجرام. فالشخص المؤيد بجماعة يقوم بارتكاب الفظائع التي لم يكن ليرتكبها إن كان وحيدًا.
ويكون ذلك عن طريق العدوى الجماعية والتقليد الذي عهده الناس لبعضهم البعض.. إذ ينصهر الجمهور في عاطفة مشتركة تغيض على المميزات الشخصية وتكبح المقدرات العقلية.. فيجرف السيل الجماهيري الأفراد كما تنجرف الحجارة إثر السيل.. ويتحرك الجمهور بناءً على الصور المجازية التي تعتمد على قوانين الذاكرة والخيال والتحريض بدلًا من العقلانية.
ويختلف كاتب آخر مع هذا الطرح.. يقول James Surowiecki في كتابه Wisdom of the Crowds. أن الجماهير حكيمة وتفوق حكمتها أي فرد فيها أو أي جماعة من المتخصصين.. وأفرد العديد من الأدلة على ذلك.. ولكن الشرط أن يكون أفراد الجماعة مستقلين فكريًا وهناك تنوع في وجهات النظر كي يتسنى جمع الآراء من أماكن شتى وكذلك ميكانيكية لإضافة الأفكار بعضها إلى بعض.. وهذا كله يتم في وجهة نظري إذا وجدت حرية إعلام يحدث كل الأطياف بموضوعية بعيدة عن هوى الجماهير الذي حذر منه لوبون.. فإذا لم يكن هناك محكم ناجح في اختلاف وجهات النظر فقد ينزلق الجميع إلى لا عقلانية الجمهور والهوس الجماعي والوهم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store