رحيل ملك بأمة

افتقدنا أعظم قائد في الأمة العربية والإسلامية، لأول مرة تعجز حروفي عن التعبيرعن مدى الحزن العميق على فقيدنا. كان أبا حنونا، أضاء دروبنا بالعديد من الإنجازات العملاقة على امتداد مساحات الوطن الشاسعة في مختلف القطاعات، سواء على الصعيد الاقتصادي أو التعليمي، أو الصحي أو الاجتماعي... وغيرها من القطاعات التي يصعب حصرها، وما منحه -يرحمه الله- للمرأة السعودية من حقوق ومكانة تجعلها اليوم أشد حزناً على رحيل ملك كريم في عطائه، فقد قال عنها الكثير، وقدّم لها الكثير، حيث قال: (المرأة هي أمي.. هي أختي.. هي ابنتي.. هي زوجتي..)، تألقت القانونيات ومنحهن ترخيص مزاولة المهنة، وأصبحن كزملائهن المحامين، بالإضافة إلى استخدام البطاقة الوطنية للتعريف عن المرأة، وأصبحت لها عضوية مجلس الشورى بنسبة 20 بالمئة، كما شاركت نساء المملكة في الانتخابات البلدية. اليوم تبكيك شعوب بأكملها يا أبا متعب، وليس الشعب السعودي فحسب.. فمنذ تولّيك الحكم وضعتَ لنفسك بصمة محبة في قلوب شعبك، فرحلتَ وفي قلوبنا ألم وفي أعيننا دمع.. أحببناك يا خادم الحرمين الشريفين لما حرصت عليه من إقامة العدل والإنصاف في حكمك، وقد أحسنت إلى رعيتك، فكان هذا الحب نتاجا طبيعيا للمشاعر المتبادلة بيننا وبين قائدنا.
هل ننسى توجيهاته -رحمه الله- بإنشاء وحدات سكنية للمواطنين في جميع مناطق المملكة وعددها 500 ألف وحدة سكنية، وهذا يعود -بالطبع- لاهتمامه وحرصه -يرحمه الله- على إيجاد حل جذري لقضية الإسكان في المملكة التي تعد أحد المتطلبات الأساسية لحياة المواطن. إضافةً إلى التطور غير المسبوق في قطاع التعليم، فبرنامج الابتعاث الخارجي واحد من أهم البرامج التي جعلتنا اليوم نشاهد كل عام تخريج آلاف من الشابات والشباب السعوديين الذين تلقوا تعليمهم في أرقى الجامعات العالمية، كما أنه أصدر توجيهاته بإنشاء 28 جامعة حكومية وخمس خاصة، ومئات الكليات والمعاهد.
أما على مستوى التعليم العام فمشروع الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتطوير التعليم العام؛ الذي يُعد نقله نوعية في مسيرة التعليم في المملكة، فهو يصب في خدمة التعليم وتطوره لبناء إنسان متكامل من جميع النواحي الاجتماعية والنفسية. وكان له -يرحمه الله- نظرة ثاقبة نحو إصلاح وتطوير مرفق القضاء، ظهر ذلك جلياً من خلال توجيهاته لتنفيذ مشروع الملك عبدالله لتطوير القضاء، كذلك لم ينسَ الجانب الاقتصادي، بل إنه أمر ببناء خمس مدن اقتصادية، وهي مدينة الملك عبدالله الاقتصادية في رابغ، ومدينة الأمير عبدالعزيز بن مساعد الاقتصادية في حائل، ومدينة جازان الاقتصادية، ومدينة المعرفة الاقتصادية بالمدينة المنورة، إلى جانب مركز الملك عبدالله المالي بمدينة الرياض... وغيرها من الإنجازات العالمية التي تهدف لنشر القيم الإنسانية، وتعزيز التسامح، والسعي إلى تحقيق الأمن والسلام والاستقرار لشعوب العالم، منها مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان في فيينا، وقد كانت سياسته الخارجية -رحمه الله- تُعبِّر بصدق ووضوح مقرونة بالشفافية تجاه قضايا الأمة العربية وشؤونها ومصالحها المشتركة ومشكلاتها.
أخيرا وليس آخراً.. أحمد الله وأشكره على ما حبانا به من نعمة، ألا وهي حكمة ولاة أمورنا، وهو ما اتضح وتجلّى للعالم بأسره، حيث قدم آل سعود درساً عملياً للعالم أجمع في استقرار الحكم، فقد تم نقل الحكم بكل حب وسلاسة والحمد لله، في وقت تضخّمت فيه المشكلات والاضطرابات من حولنا. فيجب أن نحرص على دوام نعمة الأمن والأمان، ومساندة الملك سلمان بن عبدالعزيز، والدعاء له بالتوفيق، ومبايعته على السمع والطاعة، والحفاظ على أمن بلادنا، والوقوف إلى جانبه صفاً واحداً لتكملة مشوار التنمية والازدهار والرقي ببلادنا وشعبها.
lawfirm.com-samar@samar
SamarAlhaysooni@