Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

رحلَ القائدُ الحكيمُ.. وبقيت الحكمةُ والحنكةُ!!

** في ليلة جمعة "مباركة" سمعت طرقًا خفيفًا على باب مكتبي في المنزل، ففتحت الباب لأجد ابنتي الصغرى بوداعتها المعروفة تقف على استحياء، ومعتذرة عن إزعاجي، فبادرتها بالسؤال: أسيل.. ماذا هناك؟

A A
** في ليلة جمعة "مباركة" سمعت طرقًا خفيفًا على باب مكتبي في المنزل، ففتحت الباب لأجد ابنتي الصغرى بوداعتها المعروفة تقف على استحياء، ومعتذرة عن إزعاجي، فبادرتها بالسؤال: أسيل.. ماذا هناك؟ فأجابت: لقد مات الملك عبدالله.. كانت ترددها حزينة، لقد ترسّخ حبُّ عبدالله بن عبدالعزيز في نفوس أبناء شعبه صغارًا وكبارًا. فلقد كان الحريص على أن يتلقى هذا الجيل الناشئ كل ضروب العلم داخل البلاد وخارجها، متممًا بذلك المسيرة المباركة التي بدأها والده المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وأبناؤه البررة من بعده.
** كان من شمائله وخصاله الحميدة أن ينصت باهتمام بالغ للموضوع الذي تريد أن تحدّثه فيه، وأتذكّر عندما أتيته -رحمه الله- قبل أكثر من عقد من الزمن، وكان -آنذاك- وليًّا للعهد لأحدّثه عن أمر يخص مدينة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وكان يقف بجانبنا معالي الدكتور محمد عبده يماني -رحمه الله- ومعالي الشيخ محمد بن سويلم -رعاه الله- فتبسم سائلاً: هل هناك شيء مكتوب؟ فأجاب أبو ياسر: لقد أعدَّ أخونا -مشيرًا إليَّ- ملفًا عن القضية. فقدمته له، فاستلمه بنفس راضية وهو يقول: سوف أطّلع عليه بنفسي، وبالفعل فلقد أولى الأمر كل اهتمامه ورعايته.
** وكان ذلك دأبه مع كل مَن يكتب له، أو يقابله شخصيًّا. وأزعم أنني في كل المناسبات التي رأيته فيها كان هاشًّا باشًّا، ومردُّ ذلك للنقاء والصفاء الذي تنطوي عليه نفسه.
** وكما وجد فيه أبناء شعبه أبًا رحيمًا يفرح لفرحهم، ويتكدّر لكدرهم، وراعيًا تؤرّقه مطالب رعيته واحتياجاتهم، فلقد انطبع حبّه أيضًا في قلوب أبناء الشعوب العربية والإسلامية، فهو يتذكّرهم في كل الأحوال التي تحلُّ بهم، أو الكوارث التي تنزل بهم.
كما كانت قضاياهم -وخاصة القضية الفلسطينية- موضع رعايته واهتمامه، ويتذكّر الجميع كيف أنه -رحمه الله- سعى قبل سنوات لرأب الصدع بين فصائل الشعب الفلسطيني، حيث التقى بهم بجوار بيت الله الحرام، وقِبلة المسلمين.
** كان يؤمن بمبدأ الحوار، فاهتم به على الصعيدين المحلي والدولي، وحذّر الدول الغربية من مخاطر الإرهاب والتشدد، وأنهم قد يجدونه على مقربة منهم إن هم تأخّروا في مكافحته ومقاومته بكل السبل.
* ترحل عنا أيُّها الأب الرحيم، والملك العادل، ليخلفك فينا أخوك الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي جمع بين السياسة والثقافة، وتجلّى اهتمامه بالفكر النيّر من خلال دارة الملك عبدالعزيز التي عملت على نشر وترجمة كل ما يخص تاريخ هذه البلاد التي اختارها المولى عز وجل لتكون مهبط وحيه، ومثوى نبيه المصطفى صلى الله عليه وسلم.
** كما أنه يحمل في داخله عطفًا ورعاية لأرباب الفكر والأدب، ويسعى للتواصل مع أسر هؤلاء القوم بعد نزوحهم عن دار الفناء ليعطي الدليل القوي والبرهان الساطع على أن قيادتنا الرشيدة تثمّن الكلمة الطيبة، وتنزل أصحابها المنزلة التي يستحقونها، ولعل أصدق تعبير عن شخصية الملك سلمان هو ما جاء على لسان سمو ولي العهد الأمير مقرن بن عبدالعزيز وهو "أن الأمة الإسلامية تعيش في وقت حرج، وتحتاج إلى حكمة وحنكة خادم الحرمين الشريفين". ولقد كان من المثير للانتباه في الصحافة والإعلام الغربيين هو قدرة السياسي سلمان على حسم الأمور في وقت قياسي، حيث تمّت مبايعة الأمير مقرن بن عبدالعزيز وليًّا للعهد، وسمو الأمير محمد بن نايف وليًّا لولي العهد، وتلك سمات ومزايا تسلسلت من الملك المؤسس عبدالعزيز -رحمه الله- إلى أبنائه، فلقد كان عبدالعزيز أكثر رجالات عصره حنكة وسياسة واستشرافًا للمستقبل.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store