سلمان بن عبد العزيز : العهد الجديد

حقق الملك الراحل ، عبد الله بن عبد العزيز نقلة نوعية ضخمة للمملكة العربية السعودية خلال وقت قصير ، كانت فترة حكمة . تميزت برخاء اقتصادي داخلي ، ومكانة رفيعة للحكيم الذي اكتسب احترام ومحبة الكثيرين ، ليس في بلاده فحسب بل وعلى مستوى العالم . فقد أطلق العديد من المشاريع الجريئة في الداخل التي استهدفت مواجهة تحديات الانغلاق والجهل وضيق الأفق . وقدم مبادرات عدة على مستوى العالم ساعياً لوحدة العرب والتنسيق فيما بين الدول الإسلامية ، وكان شديد الصراحة والوضوح في تعاملاته حتى مع رؤساء الدول .. وداعاً أيها الرجل الصالح . سيفتقدك أبناؤك وسيحمدون الله على أنك تمكنت من إصلاح الكثير في بلدهم وأطلقت عجلة تنمية ، استهدفت إضافة المزيد إلى ما تحقق من تطور ونمو ومكانة عالمية لهذا الوطن في مسيرة طويلة بإذن الله تعالى لآل سعود ، حكام هذه البلاد .
وسيكون سلمان بن عبد العزيز ، العاهل السعودي ، خير خلف لخير سلف . إذ إن سجل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز من إصلاح وتطوير وبناء وتعزيز المكانة العالمية لهذه البلاد سابق حتى لتوليه ولاية العهد ، إذ إن قيادته لتطوير العاصمة السعودية ، الرياض ، لحوالي خمسين عاماً أكسبته خبرة كبيرة في إدارة البلاد وإعجاباً من قبل الكثيرين . فهو رجل إنجازات ضخمة حيث أشرف على إدارة منطقة الرياض منذ أن كانت العاصمة مدينة متواضعة ببضع مئات الآلاف من السكان لتصبح مفخرة سعودية بحق يسكنها حوالي سبعة ملايين شخص. ولم تكن إنجازاته محدودة في المجال الداخلي بل تعدت ذلك إلى زيارات رسمية لأكثر من عاصمة عالمية ، ومشاركة فعالة في السياسة السعودية الخارجية ، فهو المستشار ، لمن سبقه من ملوك ، الذي له دور في الكثير من السياسات الخارجية نتيجة لخبرته الشخصية واطلاعه الواسع وبعد نظره .
ويعرف الكثيرون عن الملك سلمان بن عبد العزيز تميزه بذكاء متوقد وسرعة بديهة وإيمان قوي وقوة ذاكرة . واشتهر بموهبة الإنتظام في العمل وتقدير للوقت حتى أن العاملين في إمارة الرياض ، عندما كان أميرها ، كانوا يضبطون ساعاتهم على وقت الحضور اليومي المبكر جداً له وحرصه على الاطلاع على كافة الملفات المتعلقة بالأعمال المعروضة عليه .. وقد أنجز المفكر والكاتب السعودي الراحل زين العابدين الركابي كتاباً ، يعتبر من أفضل ما كتب عن العاهل السعودي ، حمل عنوان : ( سلمان بن عبد العزيز .. الجانب الآخر ) ، ويتحدث فيه عن جوانب هامة في شخصية هذا القائد تمكن الكاتب من الاطلاع عليها عن قرب عندما كان سلمان بن عبد العزيز أميراً للرياض .
ولدى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز شغف معرفي ونزوع إلى تحقيق تنوع ثقافي متعدد المصادر ، وتحتوي مكتبته الخاصة على ما يزيد عن ستين ألف مجلد ، تشمل مختلف حقول المعرفة وميادين الثقافة والسياسة ، وعرف عنه أنه كان يحرص دائماً على الالتقاء بالصحافيين السعوديين والعرب والأجانب أكان خلال زيارة غير السعوديين منهم للبلاد أو سفره للخارج ، حيث عرف عنه رغبته في معرفة المزيد عما يجري وخلفيات الأخبار والأحداث في مختلف أنحاء العالم والتي كان كثير من الصحفيين يعاصرونها ويعرفون خلفياتها وعلى معرفة شخصية بصانعيها من السياسيين وأسرارها مما جعل البعض يعتبر سلمان بن عبد العزيز من أكثر الناس معرفة واطلاعاً على أحداث العالم وخلفياتها وصوالين السياسة الدولية .
وتقول وكالة ( رويترز ) في تحليل أخير لها أنه من المتوقع أن يكمل الملك سلمان بن عبد العزيز مسيرة سلفه وذلك بالتسريع بعمليات إصلاح واسعة تشمل برامج إسكان الشباب المتزوجين حديثاً والسياسة التعليمية التي تؤدي إلى تخريج كفاءات لسوق العمل وتحسين الخدمات الصحية والمضي في تنفيذ مشاريع عملاقة مثل مترو الرياض الذي تقدر تكلفته بأكثر من اثنين وعشرين بليون دولار ويكتمل خلال أربع سنوات وسيسعى لتحقيق سياسة اقتصادية طموحة تستهدف خلق وظائف جديدة تؤدي لتقليص البطالة ( التي تقول رويترز أنها أقل من اثنى عشر بالمائة العام الماضي حسب أرقام رسمية ) وتنفيذ مشاريع بنى تحتية ببلايين الدولارات .
ومن المسلم به أن منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص والعالم عامة تمر بمرحلة أمنية وسياسية واقتصادية حساسة ، ومن أصعب الفترات التي مرت علينا ، وسيكون الدور السعودي شديد الأهمية في معظم الملفات ، بالإضافة إلى الملفات الداخلية ، ولذا ينظر العالم بترقب إلى قرارات وخطوات العاهل السعودي سلمان بن عبد العزيز ، مع أن هناك قناعة بأن السياسة السعودية بأيد قادرة على اتخاذ القرار المناسب . حيث تقاطر على الرياض زعماء العالم ليلتقوا بالملك سلمان بن عبد العزيز الذي يعرفه معظمهم شخصياً وتعاملوا معه من سابق في أكثر من مناسبة ويكنون له الكثير من الاحترام والتقدير لما يتميز به من كفاءة وحكمة .