Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

العقلية الداعشية: توحش في الجريمة

فاقت جرائم داعش في وحشيتها ودمويتها أبشع جرائم التاريخ، ليس لأن التاريخ البشري لم يشهد مثل هذه الجرائم البشعة من قبل ولكن لأن الذراع الإعلامي لداعش وجد في التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة ما لم يتوف

A A
فاقت جرائم داعش في وحشيتها ودمويتها أبشع جرائم التاريخ، ليس لأن التاريخ البشري لم يشهد مثل هذه الجرائم البشعة من قبل ولكن لأن الذراع الإعلامي لداعش وجد في التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة ما لم يتوفر لغيره في القرون السابقة من توثيق لتلك الجرائم بالصوت والصورة. التاريخ الإجرامي للجنس البشري كما جاء في كتاب كولن ويلسون، ليس حكراً على فترة زمنية دون غيرها ولا على دين دون غيره ولا على جماعة دون غيرها. فالمتتبع لمسار العنف الطويل للإنسان، سواء على المستوى الجمعي أو الفردي، يعرف أن ظاهرة التوحش والقتل سواء في الحروب أو الجرائم التي تحدث يومياً، كانت وستظل جزءاً من سيكولوجية البشر على اختلاف دوافعها ومبرراتها إن سلمنا بأن هناك مبررات.
في الماضي كان التوحش والقتل كما مارسته الشعوب البدائية في الغابات والأدغال لا يبرر بدين ولا انتماءات أيدولوجية. كان ببساطة توحشاً قائماً على البدائية والجهل من أجل تحقيق الرغبات، أي إلى ارتكاب الجريمة، والوهم بتحقيق الفوز على الأعداء. أما ما رأيناه من وحشية وقتل فيما وصلنا عبر أفلام داعش فهو مزيج من الجهل وامتلاك المبررات التي تتمسح بالدين والدين منها براء.
هذه العقلية الداعشية، ومن حيث لا تدري، جلبت الخزي والعار على نفسها وعلى كل من ينتمي إليها إذ إنها أصبحت سجلاً موثقاً لجرائم الجنس البشري في القرن الواحد والعشرين.
يقول ويلسن في كتابه عن سيكولوجية العنف لدى البشر: إن أسوأ أنواع الجرائم ليست تلك التي يرتكبها الحمقى والأغبياء بل المتحضرون والأذكياء باتخاذهم قرارات يوفرون لها المبررات والدوافع الكافية. فالدافع للإجرام هو مركّب طفولي وهو نزعة للحصول على شيء مقابل لا شيء. وبينما تظل الجريمة في حالة استاتيكية جامدة تنتشر جرائم داعش عبر قنوات اليوتيوب لتشكل أبشع حلقة في موسوعة القتل.
السؤال ليس من أنتج هذه الأفلام ولا من صورها بتقنية عالية بل من أنتج هذه العقلية الداعشية التي فقدت القدرة على البناء فاتجهت للهدم والدمار. العقلية التي فقدت القدرة على إدراك الحقائق فانجرفت نحو وهم الانتصار الزائف والجهل المركّب. مرة باسم الدين وأخرى باسم المؤامرة والتآمر تتكالب الهزائم فوق رؤوسنا هزيمة تلو هزيمة ولا نملك إلا النكران والسير في رتل الأكاذيب وتبريرات المؤامرة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store