الوزراء الجدد والشورى

آن الأوان لوضع نموذج جديد من العلاقة بين الوزراء وبين مجلس الشورى، فالعلاقة القائمة لا تبين بوضوح ما إذا كانت إطلالة أصحاب المعالي على المجلس حقاً مشروعاً للمجلس أم أنها دعوة مجاملة يستجيب لها الوزير كرماً وفضلاً، بعض الوزراء في الماضي كانوا ينظرون إلى حوارهم مع المجلس باعتباره شراً لا بد منه، والبعض الآخر كان يتفنن في إلقاء البيانات المطولة ثم استقبال سؤال أو اثنين يجيب عليهما أيضاً بديباجة مستفيضة
ثم يلجأ إلى أحد مساعديه أو وكلائه لإضافة ما قد يكون فات عن ذاكرة معاليه وهكذا ينتهي الوقت المحدد للقاء بدون التطرق إلى القضايا الملحة، وبالمقابل فإننا نجد من بين أعضاء المجلس من يرى في اللقاء مع أحد الوزراء فرصة للإطراء المبالغ فيه أو مجالاً لتسجيل بطولة مفادها تحدي الوزير وإحراجه.
لدينا اليوم فرصة لتجديد العلاقة بين الوزراء ومجلس الشورى، بحيث نقر بأن للمجلس حقاً مشروعاً في اللقاء مع الوزراء مرة في السنة بشكل عام ومرات أخرى تفرضها الأحداث والمستجدات، وأن يخصص للقاء وقت كافٍ لا يقل عن ثلاث ساعات، وأن تتولى رئاسة المجلس التدخل بفعالية لضمان حسن استغلال الوقت وكفاءة الأسئلة والردود.
ولدينا اليوم فرصة خاصة لأن نطالب الوزراء الجدد أن يتقدموا إلى مجلس الشورى خلال ستة أشهر بتقرير يوضح تقويمهم لأوضاع وزارتهم ورؤيتهم المستقبلية لكيفية الارتقاء بأدائها وتحديداً لأهدافهم العاجلة والآجلة وفلسفتهم الفكرية تجاه القضايا التي يواجهونها، وإن مثل هذا البيان يكتسب أهمية أكثر إلحاحاً نظرا لأن عدداً من الوزراء الجدد قد أتوا من خارج القطاعات التي يرأسونها، ولا يوجد سجل مدون لأفكارهم وتطلعاتهم، وأخيراً فإن على مجلس الشورى أن يضع الوسيلة المناسبة لضمان أن تتولى اللجان المتخصصة في المجلس متابعة أداء الوزارات على مدار السنة دون الاكتفاء بالنظر فقط إلى تقارير الأداء السنوية.
في الأجواء تباشير نسمات جديدة من التغيير والتجديد، فلعل مجلس الشورى يبادر إلى الاستفادة من ذلك لتنشيط أدائه ومساعدة الوزارات على إيضاح رؤاها وبلورة برامجها وخططها.