Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هل ينبغي محاسبة البسطاء على أقوالهم؟

في كل بلد في العالم هناك المتعلمون والجهلاء ، وعادة لا تؤخذ أقوال الجهلاء على محمل الجد.

A A

في كل بلد في العالم هناك المتعلمون والجهلاء ، وعادة لا تؤخذ أقوال الجهلاء على محمل الجد. هذه حقيقة عرفناها وعشناها، ولم أكن أتصور أنه سيأتي اليوم الذي أقول فيه بأن على البسطاء والجهلاء أن يلزموا الصمت وأن يحتفظوا بآرائهم لأنفسهم، ولدي من الأسباب ما أراه مقنعاً لقول ذلك.

وأهم تلك الأسباب هو أن العالم تحول إلى قرية صغيرة بفعل تكنولوجيا الاتصال، وبعض تلك الآراء تتنافى مع المنطق والعقل لدرجة تغري وسائل الإعلام العالمية بتلقفها فوراً ونشرها على أنها انعكاس لفكر مجتمعنا عموماً ولثقافته ودينه. وفيما يلي سأورد ثلاثة أمثلة متفاوتة يربط بينها جميعاً قاسم مشترك واحد هو تحولها إلى مادة مثيرة للإعلام الغربي سواء بالسخرية منّا أو ترسيخ صورتنا بخبث ودهاء بأننا شعوب جاهلة محبة للعنف، غير محترمة لحقوق الإنسان: المثال الأول هو الصورة التي نشرتها إحدى الصحف الرياضية على صفحتها الأولى ويحمل فيها لاعباً مشهوراً سكيناً وضعها على عنقه مهدداً المنافس الخاسر بالذبح. المثال الثاني لداعية ينكر دوران الأرض وهبوط الإنسان على القمر، والمثال الأخير هو لقاء على قناة فضائية سعودية يزعم فيه الضيف أن الدول التي تسمح للمرأة بالقيادة -مثل الولايات المتحدة الأمريكية- لا تهتم فيها النساء إذا تعرضن للاغتصاب. 

كل مثال من هذه الأمثلة تناقله الإعلام الغربي -كما ذكرت - لترسيخ صورة سلبية عن مجتمعنا لا ينبغي أخذها بتهاون وعدم اهتمام كما يطالب البعض، لأن ذلك التركيز الإعلامي على أدق قضايانا ليس عفوياً ولا بريئاً بل إنه اهتمام مدروس لا يمكن التقليل من آثاره السلبية. ما هو الحل اذاً في ظل هذا الانفتاح الإعلامي وانتشار صحافة المواطن وشبكات التواصل الاجتماعي؟ الحل بالتأكيد ليس في إجبار البسطاء والجهلاء بالتزام الصمت، فهذا أولاً يتعارض مع حقوقهم المشروعة في التعبير عن آرائهم طالما أنها لا تؤذي الآخرين، كما أن المنطق يقول إنه من الاستحالة أن تمنع الناس عن قول ما يشاؤون. 

 

إن الحل ليس بمنع الجهلاء والبسطاء عن الحديث، ولكن بعدم قيام العقلاء بمنحهم المنصات التي تروج للخاطىء أو الشاذ من آرائهم. ففي مثالي الأول لا يلام اللاعب حامل السكين ولكن تلام الجريدة، وفي المثال الثاني لا يلام الداعية المنكر لدوران الأرض ولكن تلام النخب التي روجت له عبر الهاشتاقات والريتويت، وفي المثال الثالث لا يلام الضيف بل تلام القناة التي استضافته.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store