معركة الإسلام الفكرية

يضطرب العالم الإسلامي بأمواج من العنف الذي يحصد أرواح آلاف الناس في سوريا والعراق وليبيا ونيجيريا وأفغانستان وباكستان وغيرها، وتدور في خلفية دوامة القتل المجنونة هذه معركة فكرية متعددة الجبهات يخوضها الإسلام الداعشي والإسلام الحوثي وإسلام ولاية الفقيه والإسلام المنتمي إلى المؤسسات الرسمية وكل هذه التيارات تدعي وصلاً بليلى.
من مظاهر المعركة الفكرية أن نستمع إلى قائد من جماعة بوكو حرام يفتي بحرمة التعليم الحديث وبجواز اختطاف البنات وتزويجهن قسراً، وأن نشاهد جهلة داعش وهم يدمرون التراث ويحطمون آثاراً حفظها التاريخ لآلاف السنين وأتذكر عندها تغريدة تحمد الله على أن سرق الاستعمار بعضاً من آثارنا وصانها للإنسانية في متاحف لندن وباريس.
ساحة المعركة الفكرية هي في بلادنا ، وعلى أرضها نكسب الجولة أو نخسرها لا سمح الله، فالجزيرة العربية هي مهبط الوحي وقبلة المسلمين وما يصدر عنها من فكر ورؤى له شرعية لا تتيسر لغيره، وما يدور على ساحتنا من ممارسات وأفعال له تأثير على الفكر الإسلامي يفوق ما لغيره في شتى أرجاء العالم.
إن أدركنا ذلك وجب علينا أن نستجيب للمسئولية وأن نفتح أبواب الحوار الفكري للخطاب الإسلامي على مصراعيها، وأن نجدول على مدار العام ندوات فكرية يشارك فيها أفراد ومنظمات غير حكومية، وتفتح فيها الآفاق التشاورية والاجتهادية بلا حدود، ويراعى فيها التوازن بين مختلف التيارات والتوجهات وتناقش فيها أفكار الخلافة الداعشية والإمامة الحوثية والتكفير القاعدي والفلسفة السلفية والتوجهات الصوفية بالإضافة إلى مناهج الوسطية والاعتدال.
الجانب الآخر هو أن تكون ممارساتنا العملية بعيدة عن التعصب والانغلاق، وأن نتخذ من الخطوات ما ينهي الجدل حول عدد من القضايا التي تصِمُ مجتمعنا بالتطرف مثل مسألة قيادة المرأة للسيارة وتنفيذ بعض الأحكام غير المتوائمة مع العصر، وإتاحة المزيد من قنوات التعبير الشرعية والرسمية عن الرأي وغير ذلك من القضايا والاهتمامات.
لقد حملنا الله شرف احتضان الرسالة النبوية السامية ونشرها في ربوع العالم، وهانحن اليوم نواجه مسئولية إنقاذ الفكر الإسلامي من براثن التطرف والجهل، فهل نرتقي إلى الاضطلاع بهذا الدور؟