Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

رسائلي إليها

شهر نوفمبر، شهر يوحي بانطواء العام، ومطر نوفمبر ينهمر بغزارة محوّﻻً شاطئ البحر إلى ساقية، قطرات المطر التي تختلط بمياه البحر، والنظرات محلّقة بالسماء التي تفتح أبوابها بغزارة دون هدف.

A A
شهر نوفمبر، شهر يوحي بانطواء العام، ومطر نوفمبر ينهمر بغزارة محوّﻻً شاطئ البحر إلى ساقية، قطرات المطر التي تختلط بمياه البحر، والنظرات محلّقة بالسماء التي تفتح أبوابها بغزارة دون هدف. رسالة تصل إلى هاتفه المحمول تحمل نبأ وفاة والدته.
ويبدأ عهد جديد بموت وغياب تلك الأم التي تحتل الفؤاد، تبدأ الرسائل تحمل نبرات الحزن، تفجر إبداعًا من الكتابة، وكأن الحزن في بعض الأحيان هو الانطلاقة. فوالدته التي غادرت الحياة رائحتها أجمل من عطر بلقيس، وصوتها أجمل من موسيقى "أم كلثوم"، وبشرتها البيضاء كحليب يندلق من دورقه، ما أجمل أن تفاجئك الحياة بأمل جديد، وأنت في قاع يأسك بحروف تغيّر نمط الحياة. أصبح موعد الرسائل عند شروق الشمس، أو لحظة مغيبها هكذا كان الشروق والغروب لحظة الانتظار.
الرسائل المرسلة صفائح حميمية، وتجذر في الروح مثل شجرة الدوم في قلب "إفريقيا"، تلك الرسائل فتحت الأبواب لتبدأ ولادة كتاب "رسائلي إليها"، الرسائل خفيفة كالهواء، معطرة كعسل برّي، وكلّما تتقدّم بين السطورِ حيث للكلام رائحة، وتسمع صوت معزوفة الريح، وتواصل المسير فتلفحك سويعات الأصيل كطير فر من فوهة صياد.
حروف الرسائل تشع بإشراق نادرٍ يشبه تساقط ضوء شمس الضحى على مياه البحر. جزء من عباراتها ينساب كفرحة الصياد بعودته غانمًا صيده. تحس بنمل الكلمات يسري في أطراف قارئ تلك الرسائل، فلا يلبث أن يغمر جسده كله بلحظة تأمل، ويغيب عن ضوضاء الحياة. عبارات الرسائل تتسلل إلى الروح كما تتسلل رائحة زهور الربيع من شقوق الأبواب. تحلق بالقارئ خارج المكان والزمان... أواه يا أمّاه ما أجمل الحروف لو كتبها الإنسان ولم يلفه الصمت!!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store