Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

معركة مع الإرهاب.. الإطار الحصاري أولاً

من الخطأ الجسيم أن نفصل بين ما يحدث من تنامٍ عجيب لظاهرة العنف وتطور هائل في كيفية ممارساته، وبين مشروع الكيان الصهيوني الذي يهدف إلى المزيد من الاستيطان والتوسع.

A A
من الخطأ الجسيم أن نفصل بين ما يحدث من تنامٍ عجيب لظاهرة العنف وتطور هائل في كيفية ممارساته، وبين مشروع الكيان الصهيوني الذي يهدف إلى المزيد من الاستيطان والتوسع.
المشروع الصهيوني دخل مرحلة جديدة من مراحل التنفيذ منذ أن طالب العدو رسمياً، العرب والعالم أجمع، بالاعتراف به كدولة يهودية. وهو ما سيجعل الكيان قادراً من الناحية القانونية، على طرد جميع العرب من مسلمين ومسيحيين، من أرض فلسطين.
هذا التغيير الديموغرافي الخطير الذي يُعِدُّ العدو لحدوثه على الأرض، يستلزم تغييرات كبيرة، ليس على صعيد الواقع السياسي وحده، وإنما على صعيدي الوعي التاريخي والذاكرة الحضارية أيضاً.
ما تفعله داعش من حرق للمخطوطات النادرة وتهديم للآثار، هو أشرس محاولة عرفتها المنطقة، لتدمير نسيجها الحضاري القائم على مستوى من التعدد، لم تعرف ولن تعرف البشرية مثيلاً له طوال تاريخها. وما محاولة داعش والنصرة والقاعدة لتدمير الآثار وتهجير المسيحيين العرب، إلا مجرد إجراء عملي لإفراغ المنطقة من هويتها الحضارية، تمهيداً لقيام كيانات طائفية ومذهبية، تخضع فيها المواطنة للجانب العقدي وحده، حيث تصبح يهودية الدولة، أمراً طبيعياً لا شذوذ فيه.
نعم هي مخططات صهيونية، لكن هذا لا يعني أننا غير مسئولين. لو لم يجد الصهيوني وراعيه الاستعماري، نقاط ضعف في موروثنا لينفذ منها، لما تمكن من النجاح في مخططه. ولو كانت لدينا الإرادة والوعي والشجاعة الكافية لمواجهة موروثنا - لا أقول تراثنا – وإخضاعه للمنهج النقدي، لما تمكن العدو وراعيه الاستعماري، من التجرؤ على تمزيق شخصيتنا القومية وهويتنا الحضارية بهذا الشكل.
الإسلام ليس مجرد دين، ولكنه إطار حضاري أيضاً. وهو إطار قادر على استيعاب الجميع.. وهذا الإطار هو المستهدف أولاً.. وإذا كان البعض اليوم يستنكر كل هذا الاهتمام بالكتب المحروقة والآثار المهدمة، بحجة أن البشر أهم، فإن الأيام القادمة ستثبت أن مناخ القتل سيشهد مزيداً من الشراسة، بسبب كل هذه الجرائم التي تستهدف هويتنا الحضارية من خلال محاولة القضاء على الإسلام كإطار حضاري.
المعركة ليست معركة وعي فحسب، بل هي أيضاً معركة وجدان وفطرة، وجميع هذه العناصر تحتاج إلى ما يساعدها على تعميق الشعور والتفاعل مع قيمة الجمال .
الفكر والفنون هما خط الدفاع الأول.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store