Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

لماذا رسمنا «القلب» في مادة العلوم؟

هنا سؤال جاد – لأنّ صفحة الرأي لا تحتمل السخرية والرمزية - وما الفائدة التي خرجتَ بها كطالب في اختراق تفاصيل القلب الذي خلقه الله محاطا بغطاء وحماية، وبشكله المخروطي؟

A A
هنا سؤال جاد – لأنّ صفحة الرأي لا تحتمل السخرية والرمزية - وما الفائدة التي خرجتَ بها كطالب في اختراق تفاصيل القلب الذي خلقه الله محاطا بغطاء وحماية، وبشكله المخروطي؟ فهل أثّرَت عملية رسمه الإلزامية كواجب مدرسي على امتناعك -مثلا- عن التدخين أو انتظامك في نشاط رياضي حفاظًا على القلب، أو الالتزام بنظام غذائي مثالي؟!
تتذكّر تمامًا كيف كنتَ تخطئ، وتُضرَب على يدك ويخفِق «قلبُك» ويضطرب وأنت تخلط بين الشريان الأورطي والتاجي، ثم تنتهي السنة بنجاحاتها وإخفاقاتها، بذكرياتها الحلوة والمخيفة.. وبعدها ستحاول رسم «خلية» معقّدة من خلايا جسم الإنسان في السنة التي تليها!
وهكذا تتوالى الرسومات دون أن تعرف مغزى تعلُّمها، وتستدعي العذاب الذي عايشتَه مع تداخلات الدّم، والخلايا وتفصيلاتها، حتى تبدو في الأفق مرحلة المراهقة.
في مرحلة المراهقة –وهي مرحلة التمرّد مع قليل من الوعي المفاجئ- يأخذ «القلب» المعقّد طابعًا آخر، وعلاقة حميمية، إذ يسعى المراهق ليرسُمه – دون تفاصيل طبعًا- شغوفًا دون أن يطلب أحد منه ذلك؟ مع أن الرّسمة الشهيرة للقلب مخالفة لما هي عليه في واقع جسم الإنسان رغم إصرار المناهج؟!
فهل يمكن أن يكون لتوالي هذا الغموض الذي سبّبته رسومات المدرسة حول جسم الإنسان وغيره من الموضوعات، مؤشرات نفسية واجتماعية تبيّن سبب الإصرار على كشفه مستقبلا بأي وسيلة كانت، خاصّة أنّ كليات الطب – وما فيها من تشريح يبدّد الفضول - لن تستوعب كل مخرجات التعليم!
السؤال الآن وبجدية أكثر:
كيف تفسّر الهروب الكلي من رسمة القلب المعقدة في المدرسة، والانكباب في المقابل على رسمه وقت المراهقة والتعلّق بشكله في مفارقة عجيبة؟!
ويمكن للسؤال أن يتمدّد على امتداد الأرض ليفرّخ سؤالات أكثر:
لماذا رسمنا الخرائط؟ وعوقبنا على عدم إتقانها في المدارس.. وأبدع أساتذتنا في رسم الحدود بين الدول بدقة واحترام لها؟ إذ سيفكر طالب بسيط: على أنها مهارة غير أساسية؛ فيكفي معرفة الخريطة دون الحاجة إلى عذاب الرسم؟
ولماذا درسنا التاريخ؟ وعرفنا تفاصيل سطحية فقط عن معركة «الوئام» مثلا؟ إذ يصرّ المنهج على تلقينِ معلومة: أنّ القائد المسلم استُشهد عام 379هـ، والمعركة الفلانية وقعت في منطقة «الأرضين» عام 786 للهجرة، وليست 659 هجرية، دون أن يدرك ويعي ويفهم أيّ طالب القيمة العقلية والمعرفية والتاريخية لهذه المعلومات؟ وبعيدًا كل البعد عن تحليل الوقائع للاستفادة منها في استشراف مستقبل الأجيال القادمة. وبهذا لن نفسّر طويلا: حصد الأغلبية من الطلاب درجات متدنية في التاريخ، وكرههم للمادة؟
** سينجح التعليم إذا وصل لمرحلة إقبالِ الطالب على المعلومة إقبالَه على رسم القلب في مرحلة المراهقة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store