Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

لا فنّ ولا إرهاب: الكلمة اليوم للقبر! (1)

لم يُدر في خُلد المحقّق الأمني، ولم يتوقّع أي باحث على مدار السنين الماضية في المؤتمرات التي ناقشت الإرهاب أن يكون سبب نشأة وتكوّن ذاك الإرهابي بسيطًا قبل أن يتركّب ويتراكم مع دوافع أخرى هي في حقيقتها

A A
لم يُدر في خُلد المحقّق الأمني، ولم يتوقّع أي باحث على مدار السنين الماضية في المؤتمرات التي ناقشت الإرهاب أن يكون سبب نشأة وتكوّن ذاك الإرهابي بسيطًا قبل أن يتركّب ويتراكم مع دوافع أخرى هي في حقيقتها أعراض وليست مسببات.
ولن يكون الحديث هذه المرة مُنصبًّا حول الخلفية الفكرية أو الثقافية كمعلومات ظاهرة وجامدة لدى الإرهابي، الذي تحول من إنسان بسيط إلى مشروع انتحاري همّه أن يستيقظ الجموع على فاجعة فقدٍ هو أول ضحاياها.
وقبل أن نعرف سرّ السبب: تأملوا هذه الوصلة:
لاحظ السيد عبدالله جبر شاهدًا على قبرٍ إنجليزي يقول: «هنا يرقد جون ماكس، البقال ومدير مدرسة هرنغوي سابقًا، توفي عن عمر بلغ 9 أيام»، تعجّب السيد عبدالله مما قرأ، كيف ذلك؟! عمره 9 أيام وكان بقالاً ومدير مدرسة أطفال! قالوا له: «نحن هنا في هذه القرية نعدّ حياة الإنسان بالأيام التي يسعد فيها ويحقق ما يريد، بقية أيام المعاناة والضيق لا نعتبرها من حياته، إنها أيام ضائعة».
هز الرجل رأسه وعاد إلى العراق فقال لزوجته: اسمعي يا حرمة، عندما أموت اكتبوا على قبري: «هنا يرقد عبدالله جبر، من بطن أمه للقبر».
الفقرة من مقال الأستاذ خالد القشطيني، نشره في (الشرق الأوسط) بعنوان: «للموت أيضا فكاهاته»، وفي ظنّي أن الانتحاري في العالم العربي -إن عُرف قبره، ولا يستحقّ- ولو فرضنا أن عليه شاهدًا، سيُكتَب عليه: «هنا يرقُد مجهولُ هويةٍ منتحر، وقيل أنه عاش يومًا واحدًا: يومَ أن أنجز مشروعه وفجّر آخرين!».
وكم هي المسافة الفاصلة بين مدير مدرسة الأطفال والبقال هذا.. وبين من كانت حياته ليفجّر ويموت آخرون، وليخجل قبره منه بعد مماته؟!!
النتيجة المليئة بالسوء كفيلة بصدمة مجنون صادف المقال على قارعة الطريق تحت شمس حارقة، فاستفزه لينتفض ويقبل على الحياة من جديد كعريس في غاية الابتهاج!
أما المعلومة «السّر» عن سبب نشأة الإرهابي الذي لم يعُد يرى في الحياة ما تستحق رغم اطلاعه الواسع، في حين أنه لم يبدُ متشددًا، وقبل أن تظهر عليه مظاهر الاعتلال النفسي، فلعلّ الوقت يُسعف لنشرها في المقال المقبل.. بعد أن انتهت المساحة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store