Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

كلها أيام.. لا أعياد

وافق أمس الأول الثلاثاء 24 مارس، اليوم العالمي لمكافحة مرض السّل، وقد شاركت القطاعات الصحية في المملكة في برامجها التوعوية ولم يثر ذلك أي ضجيج.

A A
وافق أمس الأول الثلاثاء 24 مارس، اليوم العالمي لمكافحة مرض السّل، وقد شاركت القطاعات الصحية في المملكة في برامجها التوعوية ولم يثر ذلك أي ضجيج. كما أننا كنا فخورين يوم احتفلنا يوم 18 ديسمبر الماضي باليوم العالمي للغة العربية وكذلك نفعل كل عام. في الثامن من شهر مارس الحالي احتفلنا أيضاً باليوم العالمي للمرأة، ومرّ احتفالنا بسلام وبدون اعتراضات، ولم تعج وسائل التواصل الاجتماعي بفتاوى تحرم وأخرى تحلل.
ثم حلّ علينا يوم 21 مارس، وما أن قلنا لأمهاتنا: "كل عام وأنت بخير يا ست الحبايب"، حتى دخلنا في المنوال الجدلي السنوي وتوالت النقاشات المتكررة حول البدع وتقليد الغرب وما إلى ذلك من المجادلات التي تتزايد كل عام مع تزايد انتشار الاحتفال بالأمهات بين الناس.
وضع الحبيب علي الجفري على حسابه في تويتر صورته وهو ينحني مقبّلاً يد والدته، فتوالت التعليقات معترضة: "أأنت شيخ سنّي وتأتي بالبدع؟ إحنا ما عندنا الاّ عيدين فقط... هل عيد الأم موجود بالدين حتى تحتفل؟" ثم يأتي من يقول: لماذا نحتفل بأمهاتنا ليوم واحد في العام؟، نحن كمسلمين نحتفل بأمهاتنا كل يوم من أيام السنة.
وهنا تظهر أزمتنا مع فكرة "العيد" وما يتبعه من "احتفال". هل يوم الأم هو فعلاً "عيد" في الغرب؟ أبداً، هو مجرد يوم، وهكذا يُسمّونه: يوم الأم (Mother’s Day). من هو المترجم المغرض الذي حوّل بعض الأيام التي عيّنتها الشعوب والدول والأمم المتحدة للتوقف والتأمل والاحترام إلى أعياد؟ في الحقيقة ليس للأمهات أعياد ولا للأوطان أعياد ولا للميلاد عيد ولا للزواج عيد، بل كلها أيام، يوم الأم واليوم الوطني ويوم الميلاد هو (Birth day)، أما عيد الحب البغيض (فالنتاين)، فلا هو عيد ولا هو حب، حتى مراسم الاحتفال به هي نفسها التي تجري في باقي مناسبات السنة، حيث لا تخلو حفلة لأي غرض أقيمت من "كيكة وباقة ورد وهدية بسيطة على طاولة عشاء"، والبقية في قلب المترجم. والواقع أن هذا اليوم الذي يثيرنا هو يوم محبة في الغرب وليس حباً عاطفياً غرامياً كما نتصوّره، ففي يوم فالنتين يتحاب الناس هناك ويتهادوا, كل الناس بمختلف علاقاتهم.
هذه الوقفات اليومية حول العالم التي يصلنا بعضها ونغفل عن كثير منها لا تختلف كثيراً في جوهرها عن مهرجان الكليجا والتمور ببريدة والحريد بجازان والزيتون بالجوف والتمر، وقفة توعوية في يوم محدد أو (أيام) تثير الانتباه وتسلط الضوء على موضوع معيّن من أجل تذكير الناس بأهميته وإعطائه ما يستحق من عناية وتقدير.
سوف نطفئ مصابيحنا مع العالم عندما تحين "ساعة الأرض" يوم 28 مارس، وسوف نشارك في يوم الشجرة ويوم النظافة ويوم المرور ويوم المعلم، وسنحتفل بالطفل في يومه وباليتيم في يومه وبالمرضى كلٌ في يوم مرضه، وربما ذات يوم أحدٍ من مايو سنحتفل سوياً بيوم الضحك العالمي، دون توتر أو تشنّج أو خلط يجعلنا نحسبه عيدًا للضحك.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store