Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

شكاوى ضد شركات الاتصالات

تمارس العمل في المملكة ثلاث شركات للاتصالات. وهذا العدد كافٍ في نظري لتغطية احتياجات السكان للمستقبل القريب والمتوسط، وكافٍ في الوقت نفسه لإحداث التنافس الذي من المفترض أن يصب في اتجاه خدمة المستهلك.

A A
تمارس العمل في المملكة ثلاث شركات للاتصالات. وهذا العدد كافٍ في نظري لتغطية احتياجات السكان للمستقبل القريب والمتوسط، وكافٍ في الوقت نفسه لإحداث التنافس الذي من المفترض أن يصب في اتجاه خدمة المستهلك. إلا أننا عوضاً عن التنافس الشريف الذي يخفض سعر الخدمة نشهد تماثلاً عجيباً في تزايد تعقيد الخدمات والمنتجات التي تقدمها هذه الشركات إلى الحد الذي يجعل المستهلك في حيرة من أمره من ناحية؛ وغير قادر على الاستفادة من هذه المنافسة للحد من التزايد في فاتورته الشهرية من ناحية ثانية. من هذه التعقيدات، على سبيل المثال لا الحصر، والتي تبدو متعمّدة في غايتها وسبلها، إلغاء باقات سابقة دون إنذار، والتباين في نظام الفوترة بين الأشهر الشمسية والقمرية. ومنها التضييق في مجالات الاستفادة من نظام النقاط (قطاف) والتسعير المبالغ فيه لخدمات الإنترنت (وحتى تكلفة المكالمات) مقارنة ببلدان العالم الأخرى، وغيرها الكثير. الأمر الذي أشارت له الصحافة مؤخراً عبر آلاف الشكاوى التي تصل إلى هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات. إن هذا العدد من الشكاوى بلا شك ما هو إلا رأس جبل الجليد. فما لا يصل للهيئة أكثر من ذلك بكثير.
في فترة سابقة ضغطت شركات الاتصالات، تارة بحجة أمنية وتارة بحجج أخرى، نحو حجب التطبيقات التي توفر خدمة الاتصال أو الرسائل عبر الإنترنت. ولئن كان من المفهوم أن اهتمام هيئة الاتصالات في النظر لإمكانية هذا الحجب مبعثه أمني أو تنظيمي، إلا أن بواعث شركات الاتصالات هي في الأساس حماية أرباحها واستثماراتها. ولا ننكر بالطبع أن هذا باعث مشروع. إلا أن النتيجة النهائية هي أنه رغم أن تلك التطبيقات لم تحجب -باستثناء واحد حسب علمي هو المُسمَّى فيس تايم- ورغم تزايد استخدام العموم لهذه التطبيقات، فإن متوسط تكلفة الفاتورة الشهرية في تزايد أو هو لم يتناقص على أقل تقدير. ذلك أن ما تخسره الشركات من دخل الرسائل والمكالمات تُعوّضه وزيادة عبر تكلفة الدخول إلى الإنترنت ذاتها.
تتحرك بعض الدول المتطوّرة الآن إلى جعل الوصول إلى الإنترنت حقاً للناس، وهو في المملكة على وجه الخصوص لا يقل أهمية نظراً لتحول العديد من الخدمات الحكومية والمصرفية إلى التعاملات عبر الإنترنت. ينبغي على هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات التحرك سريعاً نحو جعل خدمات الإنترنت متاحة وبتكلفة منخفضة (إن لم أقل مجانية) للجميع. وبدون ذلك ستظل شركات الاتصالات ترفع من درجة التعقيد وبناء التكلفة المخفية إلى الحد الذي قد يحرم جزءاً من المواطنين من هذا الحق الأساسي في عصرنا.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store