Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الشتائم هدير الهزائم

عندما تواجه الأمة أية أزمة ينقسم الناس إلى فئات أربع: أولئك الذين يقفون بشجاعة على خط المواجهة مدافعين ومقاتلين بدمائهم وأرواحهم، وأولئك الذي يقفون من ورائهم مشجعين ومصفقين ومحللين ومخططين، وهنالك فئة

A A
عندما تواجه الأمة أية أزمة ينقسم الناس إلى فئات أربع: أولئك الذين يقفون بشجاعة على خط المواجهة مدافعين ومقاتلين بدمائهم وأرواحهم، وأولئك الذي يقفون من ورائهم مشجعين ومصفقين ومحللين ومخططين، وهنالك فئة تتفرج من بعيد كأن الأمر لا يعنيها وهي لا تعي أصلاً معنى الأزمات في حياة الأمم. ثم هنالك تلك الفئة الأخطر التي تدعي حرية الرأي والتعبير وتتلحف رداء النقد لتقوم بجهلها وسوء أدبها بسلق شعوبها وأهاليها وحكوماتها وبلدانها بألسنة حداد غير آبهة بما قد يلحق بها من أذى يهدد استقرارها وأوضاعها الأمنية.
أمتنا العربية لا تكاد تفارقها الأزمات، وتزداد المطامع الخارجية من حولها كلما ازدهرت أحوالها وانتعشت اقتصادياتها، فتبدأ أصابع السوس تزرع فيها الفتن والنزاعات لتفتك بوحدتها وصلابة مقاومتها. لكننا اليوم أمام تحد صارخ ما عاد يتخفّى وراء مؤامرات أو خطط، بل يواجهنا جهراً بالرغبة في تقسيمنا وتشتيتنا وتقزيمنا في مايكرو دويلات منفصلة تعاني من الهشاشة.
عاصفة الحزم جمعت الشمل ولمّت الشتات ووقفت في وجه الأعداء ككتلة لا يمكن أن تتفتت. لكن الفئة الخطيرة التي تطلق لسانها المسموم في بعض وسائل الإعلام ووسائل التواصل وتهدر بالتشكيك والتهييج والشتائم تتمادى في غيّها. في وقت الأزمات يجب أن نخفض رؤوسنا ونحبس أنفاسنا حتى تمرّ بسلام، لكن تلك الفئة اللسانية يحلو لها الآن التشدق بالشعارات الزائفة للديمقراطية والحرية والثورات الربيعية. من وطن عربي إلى وطن عربي آخر يتحزب العرب ضد بعضهم، مواطن ضد مواطن من نفس البلد، ومواطن من بلد ضد بلد أخرى، يتصيد له الأخطاء ويهاجم كل تحركاته ويخالف كل توجهاته.
إثارة البلابل وإضعاف الهمم هي النتيجة الأقرب لكل هذه الاعتراضات والخناقات المشتعلة، وبعد الاعلان عن عاصفة الحزم التي لاقت استحسانا شبه جماعي من كل العرب، ارتفعت الأصوات الناشزة تنعق في الأجواء لأسباب واضحة وجلية، لكنه الضعف قبل كل شيء، هي مرارة الانهزام التي تجعل الأحزاب العربية الموالية لإيران تتولى مهمة الإساءة للسعودية بتنسيق مع كل الوسائط الاعلامية التي تملكها. الطائفية السقيمة هي التي تدفع العرب إلى شنّ هجمات شعواء ضد المملكة حتى تخلخل إنجازها النوعي في عملية عاصفة الحزم.
وإذا كانت الطائفية هي المحرك لهذه الحملات الحاقدة، فإن الذي يحرك حملة بعض الإعلاميين المصريين هو التعالي والتكبُّر، وهذه آفة مكشوفة تجعل هؤلاء يأنفون من الانخراط في أي مشروع عربي لا يكونون هم قادته، وأنّهم لا يتنازلون عن كونهم في المقدمة دائماً لا يتبعون أحدا، لأنهم يعتقدون أنّهم وحدهم الأقدر والأكثر فهماً والأشد قدرة.
بيانات متخمة بمفردات الشتائم والسباب المتدفقة بلا حساب ولا أدب تتوالى، تمثل الغضب وتدعي التوتر، لكن الأداء الباهت الأصفر يفضح النوايا ويعكس مقدار اليأس لفشل التوقعات وانهيار الأحلام. عاشت السعودية منتصرة بحكمتها وصبرها على تنكُـر البعض ممَّن مدّت له يد العون، عاشت منتصرة بكرمها وحسن خلقها وترفعها عن سفاسف الأمور، عاشت منتصرة بحزمها وصلابتها وثبات مواطنيها في حبها.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store