Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

التقاعد بين الإحباط والأنواط

التقاعد كلمةٌ يتباين وقعها بين فردٍ وآخر، فيحسها البعض برداً وسلاماً وكأنها أمنيةٌ يحلمون بتحقيقها ويستعجلون إعلانها، فهذا شعور فئةٍ غير قادرة على العطاء، ولا ينتابها هذا الإحساس ببلوغ السنين، وأغلب ا

A A
التقاعد كلمةٌ يتباين وقعها بين فردٍ وآخر، فيحسها البعض برداً وسلاماً وكأنها أمنيةٌ يحلمون بتحقيقها ويستعجلون إعلانها، فهذا شعور فئةٍ غير قادرة على العطاء، ولا ينتابها هذا الإحساس ببلوغ السنين، وأغلب الظن أن الهمم والعزائم تتقاعد مبكراً، ويفتر الطموح لدى أفراد هذه الفئة، بينما نجد فئةً جبلت على الإخلاص والتفاني لا تزيدها الأعوام إلا خبرةً وعطاءً، حتى وإن بلغت سن التقاعد أو تجاوزته، فهذه النوعية يعتبر تقاعدها خسارة جسيمة، فهي لا زالت قادرة على الإبداع والعمل بقوةٍ ونشاط، تصقلها الأيام وتقويها الأعوام، ومن هذه الكوكبة النادرة فوجئنا بإحالة رقم من أرقام هذا البلد للتقاعد وهو في قمة نشاطه وقدرته على العطاء، ألا وهو الأستاذ عبدالله الحسيني الرئيس التنفيذي للأسطول الملكي بالخطوط الجوية السعودية. الأمر الذي أشعرني بأننا فقدنا لجهد وخبرة قامة كبيرة، يستحق أن نسعى بكل ما أوتينا من إمكانات للاستفادة من خبراته بعد إحالته للتقاعد، لذا آمل التفكير ملياً في كيفية الاستفادة من قدرات المتقاعدين وخبراتهم الثرية، حيث كان الحسيني طيلة فترة حياته العملية خير سفيرٍ لخدمة وطنه، فقد تبوأ وظيفة مدير فروع الخطوط السعودية في (ليبيا - الصومال - فرنسا - إيطاليا - سوريا - إسبانيا - اليونان) ثم مدير لفروع السعودية في أوروبا وأمريكا، ثم انتقل للعمل بلندن مديراً عاماً لفروع السعودية بأوروبا، فأثمرت هذه الرحلة الرائعة خبرةً وتمكيناً لمسيرته العملية الحافلة بالإنجازات، التي امتدت لسبعٍة وعشرين عاماً خارج حدود الوطن الغالي.
لقد عرفتُ الرجل جيداً وعرفه غيري بأنه المخلص المتواضع، أذكر تواجده على الكاونتر مع ركاب السعودية وقت وصول الرحلات وعند مغادرتها، متناسياً تماماً أنه المدير، ولا يذكر حينئذٍ سوى أنه يسعد بخدمة العميل ومساعدة المحتاجين لدعمه وعونه، حتى ولو كان ذلك الدعم خارج مجال عمله، لهذا نقول: تلك نوعيةٌ جديرة بالتكريم قبل التقاعد وبعده، ويجب أن تظل مثل هذه الشخصيات مراكز تدريب ومدارس تعليم للأجيال المعاصرة، لتنشئتهم على كيفية حسن التعامل مع الآخرين.
لذا لابد أن نرصد لمثل الحسيني مسيرته العملية حتى تستفيد منها الأجيال المتطلعة إلى الترقية والتطور، حينئذٍ ننسى تقاعد الإحباط ونسعد بتقاعد الأوسمة والأنواط، ساعتها سنقول: إذا غادر هذا الرجل المخلص منصبه وترجل هذا الفارس عن صهوته، فحسبه أنه ترك بصمةً لا تنسى وذكرى خالدة لا يزيدها الزمن إلا جمالاً وألقاً، نسأل الله أن يمن عليه بنعمة الصحة والعافية، وأن يظل عطاؤه ممتداً أينما حل وأينما كان.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store