Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

حين يكون الشيء في غير مكانه

فاجأ (الفنان) - وهو لقب نقوله مجازًا - فليس للفن أيّ ارتباط هنا، فاجأ صاحب «الموال» الحضور -ممّن يفهم وقليلٌ ما هم- في جلسة «طربية» مليئة بالغزل وكثيرٌ منه فاحش، بحضور أشياء أخرى لا داعي لذكرها هنا،

A A
فاجأ (الفنان) - وهو لقب نقوله مجازًا - فليس للفن أيّ ارتباط هنا، فاجأ صاحب «الموال» الحضور -ممّن يفهم وقليلٌ ما هم- في جلسة «طربية» مليئة بالغزل وكثيرٌ منه فاحش، بحضور أشياء أخرى لا داعي لذكرها هنا، وسلوكيات جماعة من متدنّي التعليم، والسّوقة -إلا من رحم ربي- وبعد انتهاء الزميل الأول من وصلته الغنائية طلع صاحبنا بكلمات أجزِم أنه لا يعني معناها، ولا فيمَ قيلت؟ وبأي مناسبة؟!
تخيّلوا: أنه أدّى وبنغمة حزينة كئيبة لا تتوافق مع مضمون الأبيات:
حتى بلغْتَ سماء لا يُطار لها
على جناحٍ ولا يسعى على قدم
وقيل كل نبيٍّ عند رتبته
ويا محمد هذا العرش فاستلمِ
وكان بودّي لو ملأتُ المساحة المتبقية من المقال بعلامات التعجّب!!!؟؟
وأعاد الرجل البيتين بلحنٍ يقارب اللحن الحجازي، أعقبته «صفَقَة» موزونة، واستمرّت السهرة وسط دخان منفوث، ورقصات متتالية.. وصاحبنا يطرب لسماع آلة القانون التي لا تَفهم، وإلا توقّفَت، ولا يحتاج للتفاعل معها فهمٌ معقّد للنغمات الصادرة عنها، وإلا لما استجاب جسم أحد من الحاضرين، ولكُفي المستمع شرّ المؤدّي.
انتهت الوصلة، ولا يدري «الموهوب» أن الأبيات قيلت في مدح سيد الخلق صلى الله عليه وسلم؟! فهل هذا مقامُ قراءتها؟! وما هي النتيجة المتوقعة من تأديتها؟! استثارة شعور المستمع نحو تعظيم مقام النبي صلى الله عليه وسلم؟ أم زيادة في إشعال جو الرقص والفرح بالمتغزل به؟!
وهذا المشهد المؤلم يتكرّر كثيرًا في ظل غياب الوعي والفنّ الحقيقي.
تُقابِل هذا الموقف باستمرار حين يُسلّم «المايكرفون» لكل من هبّ ودبّ، حتى من كبار الفنانين حين لا يعي أحدهم مضمون ما يتلو! .. وقِس على «المايكرفون» في تبليغ التضاد والمهزلة أي أداة أخرى.. قلَم، منصب، جاه، مكتب.. وانتظر ما يأنف منه العاقلون.
هذه المشاهد تجعلك تميل للرأي القائل بحرمة الأغاني وسماعها في ظل وجود هذه النماذج. ومن زاوية أخرى تحيلك إلى التأمل في اتجاهات الشباب قبل أن تطالب بدعمهم، فعليهم - في ظل سماع كلمات أغاني حماسيّة وفرائحية بلحنٍ حزين، والعكس، مما يسبّب خللاً مؤكدًا في الدماغ الطبيعي- أن يحدّدوا وجهتهم كي يفهمها المسؤول عنهم؟!
الأمر بحاجة إلى دراسة متأنية للضرر الناتج عن هذا السلوك وتبعاته التربوية والذوقية والنفسية والاجتماعية والسلوكية.
** رحمة الله على منشد الحجاز السيد عباس علوي المالكي الذي تلقيتُ نبأ وفاته ساعة كتابة المقال فجر اليوم الثلاثاء، وهو أبلغ مثال للمنشد المتعلم والمتفقه قبل أن يترنّم.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store