سنة استثنائية في الأمم المتحدة

حدثني أحد كبار الدبلوماسيين المعتمدين لدى الأمم المتحدة عن تجربته ومشاعره وهو يقترب من التقاعد فقال : إن العمل الدبلوماسي في العلاقات الثنائية يختلف جذرياً عن العمل متعدد الأطراف، ففي حين يعمل الدبلوماسي في العلاقات الثنائية على محور واحد يربط بين البلدين ،فإن العمل في المنظمات الدولية ومعها يجري على محاور عديدة، وفي حين أن العمل الثنائي يركز على المصالح الذاتية للطرفين ،فإن العمل متعدد الأطراف يسعى الى التوصل الى حلول لمشكلات كونية يتجاوز مداها وتأثيرها حدود أي بلد بمفرده، ثم أضاف بنظرة تأمل قائلاً : إن ما يدفعني إلى العمل كل صباح هو شعوري بأنني أعمل لكي أجعل من العالم مكاناً أفضل للأجيال القادمة!
تذكرتُ هذا الحوار وأنا أستعرض برنامج عمل الأمم المتحدة في الشهور القليلة المقبلة، ففي الصيف القادم تحتفل هذه المنظمة العتيقة بعيد ميلادها السبعين ويدور الحوار حول كيفية إضفاء مضمون ذي معنى للاحتفالات بحيث لا تقتصر على الجوانب المهرجانية فقط، ولقد ذكرت في إحدى المناسبات إن أجمل هدية يمكن أن تُمنح للأمم المتحدة في هذه المناسبة هي التوصل الى اتفاق في المفاوضات حول إصلاح مجلس الأمن وهي المفاوضات المستمرة بلا نتيجة منذ حوالي تسع سنوات، مع أن هذا الرجاء يبدو متفائلاً وبعيداً عن واقع التنفيذ.
تشتمل فعاليات الأمم المتحدة في الأشهر القادمة على ثلاثة مؤتمرات قمة كونية، الأول يعقد في يونيو القادم في أديس أبابا لبحث وسائل تمويل برنامج الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، والثاني يعقد في سبتمبر في نيويورك لبحث اهداف التنمية المستدامة للفترة من 2015 حتى 2030، والثالث في باريس في ديسمبر لمحاولة التوصل الى اتفاق كوني حول التغير المناخي وكيفية الحد من أضراره، ثلاثة مؤتمرات سوف ترسم خارطة الأرض الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للعقدين القادمين وسوف تمثل تحدياً قوياً لدول العالم ومدى قدرتها على التفاهم والتواصل والتعاون والعيش المشترك.
الأمم المتحدة هي منتدى العالم وبيته ومنبره، وفيها ومن خلالها يمكن لنا جميعاً أن نسعى لكي نجعل من هذا الكون مكاناً أفضل لنا وللأجيال القادمة.