Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الخبازة!

تمضي الأيام والبطالة النسائية لا تزال ترتفع في بلادي، والأرقام محزنة كاللغة التي أحاول أن أكتب بها اليوم.

A A
تمضي الأيام والبطالة النسائية لا تزال ترتفع في بلادي، والأرقام محزنة كاللغة التي أحاول أن أكتب بها اليوم. كشفت مصادر عاملة في قطاع المخابز والأفران لجريدة (مكة) أن 10 آلاف فتاة دخلن مجال العمل بالأفران والمخابز في كل مناطق السعودية، منهن 5 آلاف فتاة في المنطقة الوسطى، و2000 في الشرقية، والباقي في المنطقة الغربية، لكن لايزال التدريب لبعض المهن المتاحة لعمل بناتنا مفقودًا، وبيئية العمل غير مؤهلة مثل افتقار لحضانات، واستراحات، ومواصلات عامة.
أقابل بناتنا اللاتي يعملن في قطاع التجزئة والخبر، أفرحني أن الخبز سيكون بأيدٍ وطنية، لكن شكوى بناتنا من تدني الراتب غيّر مذاق اللحظات، وسلب فرحتي. تعقّب إحداهن بصوت حزين: يتهموننا بأن «السعودية ما تنفع للعمل». أليس أمامنا تجربة البنوك والشركات الكبرى اللاتي يعمل فيها نساء من بلادي حققن نجاحات وإنجازات كبرى؟!
أحيانًا جملة واحدة تحطم العزيمة في العمل، أخذت أقرأ صحفًا في الطائرة استرعى انتباهي «قوانين وإجراءات تمكين المرأة في العمل بالقطاع الخاص» كنت أتأمل الخبر الذي في صينية الطعام، وأتذكر أن البعض يهدم تلك القوانين بإيذاء تلك الفتيات اللاتي حاولن تقبّل بعض المهن لعدم صلاحية بيئة العمل، وتدني الأجور الذي حال بين مشاركتهن في العمل.
بعض وصولي لمدينتي جدة، أخذت بعد ذلك أجرُّ خطواتي وعيناي تتصفحان نيون محلات التجزئة التي تحتاج لمشاركة قواته، وأحدق في المصابيح ذات الألوان المختلفة المتسربلة بالنور.
لم يكن لساني ينطق بشيء. كنت فقط أستمع إلى صوت الفتاة كيتيمة في رعاية أعمى. كان تفكيري كله ينحصر في عبارات الأذية والأسية لبناتنا، عبارات التحقير لبعض المهن كالضوء المنسي؛ ليظل سؤال كالملح يختبر جروحي، وليتهامس مع هذا الجسر المثقوب. وأكملت الطريق كالشيء العائم في طرقات الأعماق، أتابع خيوط الشارع المرشوش بالضوء. أحاول أن أجمع ما لا يجمع، منشغلة بإيماني بمشاركة المرأة في التنمية في بلادي، وأتحسس الملح الكثير في حلقي من ذلك الإحباط الذي يصيبنا، لكن على يقين أننا سنتعاضد لبناء وطن عظيم. بلد لا يتأفف من إخفاقاته، ولا يكره المحاولة والمحاولة لتمكين المرأة، بلد يفخر بنسائه ورجاله لا ينكرها إلاَّ جاحد، نحن نسابق الزمن ولا نريده أن يسبقنا!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store