Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

المثل الدارج وصديقي الرياضي

يستوقفني دائمًا المثل الدارج «الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية»، فهو مثل رائع وجميل، خاصة حينما يستشهد به من جرّبه واقعًا، أو حينما تشاهد من يُجسّده واقعًا، ولكن من المحزن أن لا نجد لهذا المثال في

A A
يستوقفني دائمًا المثل الدارج «الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية»، فهو مثل رائع وجميل، خاصة حينما يستشهد به من جرّبه واقعًا، أو حينما تشاهد من يُجسّده واقعًا، ولكن من المحزن أن لا نجد لهذا المثال في واقعنا التطبيق الفعلي، مع أن ديننا الحنيف يقبل الرأي والرأي الآخر ما لم يكن هذا الرأي يصادم الثوابت في ديينا، أو الإجماع، فيصبح قولاً شاذاً، هذا في أحكام الشريعة، والدين الإسلامي شامل لكل صغيرة وكبيرة من أمور حياتنا، وما جعلني أتناول هذا المثل الدارج، هي واقعة حدثت أمامي لتصرف لا ينم عن «سعة صدر» صَدَرَ قبل سنوات، عندما كنت بصحبة أحد زملاء الكتابة الرياضية لزيارة أحد الأندية الرياضية، وكنت واقفًا بجواره ومعنا شخص ثالث، فإذا بمدير الكرة بذلك النادي يمر بجوارنا ويستوقفه صديقنا ويعرفني به، فصافحني وصافح الشخص الآخر، ويتجاهل مصافحة الكاتب الرياضي! واستغربت لهذا الموقف، ولم أحاول سؤاله حينها خشية ردة الفعل، وعند عودتنا سألت صديقي عن سبب ذلك الموقف؟ فقال: يبدو أنه أخذ موقفًا مني لنقدي له في قيادته الإدارية لفريق القدم في أحد مقالاتي، ونتج عنه ذلك التصرف الذي يخالف تعاليم ديننا الحنيف، وقلت له: لعلك تحاول أن تصلح الأمر بينكما والحديث عن نقاط الاختلاف، فوعدني خيرًا، ومرت فترة زمنية فإذا صديقي الكاتب يدافع عن ذلك الإداري في مواقف أخرى، ومن باب الفضول سألت صديقي: هل تصالحت أنت ومدير الكرة؟ فقال مبتسمًا: لم أحمل في نفسي عليه شيئًا حتى أصالحه، وكتابتي للمصلحة العامة، وأنا أتذكر ذلك الموقف أتمنى أن يسود الوسط الرياضي مثله، فكم نحن بحاجة لسلامة الصدر وعدم الحقد وحمل الأمور أكبر مما تستحق وكذلك أن تبقى الرياضة تنافسًا شريفًا لا يخرج عن إطاره الصحيح.
بل إني حينها تمنيتُ في قرارة نفسي أن يكون كل كاتب بتلك الروح، وبذلك الصدق وعدم الانتصار للنفس الذي دفع علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- لعدم الانقضاض على عدوه في إحدى المعارك حتى لا يأتي في نفسه أنه قاتله ردًا لاعتباره، وعاد بعد أن ذهب ذلك من نفسه لقتاله، وهكذا هو ديننا الذي تعلّمنا منه الآداب، وأجمل السلوك ليكون ما نكتبه متوافقًا معها في أي مجال كان، سواء الرياضة أو غيرها من المجالات ولنوطن أنفسنا على ثقافة أن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، فما أجملها من ثقافة إذا خلت من التجريح والإساءة المتعمدة للآخرين، وهو للأسف ما نفتقده في أوساط عدة من حياتنا، فما أجمل التحلي بالخلق الإسلامي الحنيف الذي يرتقي بنا ويجعل الجميع أخوة متحابين، بعيداً عن الحقد والكراهية، أسأل الله للجميع التوفيق.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store