Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

جينات الكسل

في الرياض وحدها 800 ألف عاملة منزلية، وهو رقم يُحطّم موسوعة جينيس بالتأكيد، تليها بالتأكيد جدة، ثم المدن الأخرى، مع تفاوت يرتبط بعدد سكانها، وثقافة أهلها. ومن هؤلاء مَن هُنّ على كفالات مخدوميهم، وأخريات هاربات، أو متخلّفات، يعملن أحيانًا بنظام (القطعة)، أو برواتب شهرية أكثر إغراءً من رواتب النظاميات المستقدمات. كيف سيقرأ التاريخ هذه الحقبة الزمنية من حياتنا بعد حين من الدهر قد يطول ويقصر؟ وكيف سيبدو لتلك الأجيال البعيدة القادمة هذا الخلل المذهل من الكسل، والتواكل، والاتّكالية!!

A A
في الرياض وحدها 800 ألف عاملة منزلية، وهو رقم يُحطّم موسوعة جينيس بالتأكيد، تليها بالتأكيد جدة، ثم المدن الأخرى، مع تفاوت يرتبط بعدد سكانها، وثقافة أهلها. ومن هؤلاء مَن هُنّ على كفالات مخدوميهم، وأخريات هاربات، أو متخلّفات، يعملن أحيانًا بنظام (القطعة)، أو برواتب شهرية أكثر إغراءً من رواتب النظاميات المستقدمات. كيف سيقرأ التاريخ هذه الحقبة الزمنية من حياتنا بعد حين من الدهر قد يطول ويقصر؟ وكيف سيبدو لتلك الأجيال البعيدة القادمة هذا الخلل المذهل من الكسل، والتواكل، والاتّكالية!!لماذا تغير نمط حياتنا بهذه الصورة السلبية القاتمة؟ لست أدري إلى أي عالم ينتمي هذا النمط من الحياة؟ إلى العالم الأول أم الثاني؟ لكنه حتمًا ليس نمطًا معتادًا لدى سكان العالم الثالث الذي يُصدّر إلينا العمالة منزلية وغير منزلية!!حتمًا هي خصوصية حديثة جلبتها أموال (البترو دولار) اقترنت مع شيوع جين الكسل في كل منزل، وهو داء لا يزيله إلاّ استقدام عاملة، أو اثنتين، وربما ثلاث أحيانًا. أمّا العجب الأشد فهو شيوع جين البطالة أيضًا ليبلغ بضع مئات من الألوف، خاصة بين الإناث، فترى إحداهن (مسطحة) متعبة من كثرة النوم، وطفش الفضائيات، وثرثرة الصديقات، ومع ذلك فهي تستعين بصديقة إندونيسية، أو فلبينية لقضاء مهام تافهة كانت قديمًا تُعدُّ من أساسيات الواجبات الأنثوية في المنزل، مع كل ما كان يعانيه المنزل من بساطة في التصميم، ورداءة في التجهيزات، يتطلّب عناية باستمرار، فالتنظيف مرهق، وغسل الملابس متعب، وكيّها منهك. كل ذلك تاريخ يشهد ضد رفاهية لا معنى لها اليوم، وسيأتي تاريخ جديد يشهد ضد هذه الرفاهية نفسها، فدوام الحال من المحال.. ليس من باب التشاؤم، ولكن من باب العودة إلى واقعية مسؤولة تمامًا كما هو الحال الأسرة في العالم الأول حتّى لو كبرت، فلكل دوره، بدءًا بالأم التي تمارس دورها بعناية واقتدار، وانتهاءً بالأب الذي لا يمانع في المساهمة عناية بالأبناء، ومشاركة في الغسيل والتنظيف، وربما حش العشب، وإخراج الزبالة، وطي الملابس، وإيصال الأبناء والأطفال. إنّه تبلّد غير مفهوم، لا أبرئ منه نفسي، ولا أسرتي!! Salem_sahab@hotmail.com
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store