Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

تقارب إنساني حقيقي ..!

‏‏* من يدرس تاريخ الأمم وخبايا حركته البشرية يندهش للكم الهائل من النزاعات ‏والحروب وأشكال الدمار ويتساءل عن الأسباب التي أدت إلى كل ذلك خاصة ‏حينما يلجأ المتحاربون إلى آليات تدميرية كما حدث في الحربين الكونيتين الأولى ‏والثانية وخاصة إلقاء أمريكا قنبلتين نوويتين على كل من هيروشيما ونجازاكي ‏اليابانيتين لازال الأهالي والتربة والبيئة والجماد يعانون منهما حتى اليوم.‏

A A
‏‏* من يدرس تاريخ الأمم وخبايا حركته البشرية يندهش للكم الهائل من النزاعات ‏والحروب وأشكال الدمار ويتساءل عن الأسباب التي أدت إلى كل ذلك خاصة ‏حينما يلجأ المتحاربون إلى آليات تدميرية كما حدث في الحربين الكونيتين الأولى ‏والثانية وخاصة إلقاء أمريكا قنبلتين نوويتين على كل من هيروشيما ونجازاكي ‏اليابانيتين لازال الأهالي والتربة والبيئة والجماد يعانون منهما حتى اليوم.‏‏* النفس البشرية فتاكة ومرعبة حينما تتخلى عن إنسانيتها وتترك زمامها للمصالح ‏الخاصة أو للاعتبارات اللا إنسانية كما يحدث مع الساسة. فالساسة وعبر التاريخ ‏هم أكثر المتعطشين إلى السلطة والسيطرة والهيمنة وهم أكثر المتطلعين إلى ‏أمجادهم الشخصية بغض النظر عن أخلاقية الوسائل أو إنسانية الآليات التي ‏يستخدمونها وحكمتهم الدنيوية المقولة المكيافيلية: «الغاية تبرر الوسيلة».‏‏* أعرف أن حديثي هذا لن يعجب كثيرين حتى من أنصاف المثقفين ومن ‏الوصوليين بخاصة فيقولون باستهجان هذا خيال وهذه مثالية وعالم حالم لا يوجد ‏سوى في الروايات والقصص الخرافية ومدينة أفلاطون الأسطورية، فواقع الحياة ‏ومعاركة تقلباتها ومجاهدة تلوناتها يُحتم استخدام كل الوسائل الممكنة وغير الممكنة ‏لتحقيق الأهداف حتى وإن تعارضت مع الشرائع والأخلاقيات. وغير ذلك طوباوية ‏لا واقعية لا توجد سوى في خيال الطوباويين أنفسهم ولهم وحدهم فقط.‏‏* التفاعل الحضاري بين أبناء البشرية ومنذ بداية تكونه أخذ أشكالاً عدة وصبغته ‏ألوان متنوعة منها الدموي ومنها الإنساني وفيها القسوة والرحمة، فأي تفاعل بين ‏الأمم ثنائياً كان أم جماعياً يشهد السلب كما الإيجاب، وهذه حقائق تكاد تكون ‏مسلمة لحدوثها الفعلي في الحياة البشرية، ولكن وبرغم كل ذلك نقول لا في مثالية ‏حالمة أو طوباوية أسطورية بل واقع معاش وعلى طوال امتداد الحياة البشرية إذ ‏بالإمكان حصر النزاعات في أقل مستوياتها ومنع حالات الانفجار التي تؤدي إلى ‏دمار وخراب وحروب تسيل فيها دماء بريئة، كما أنه بالإمكان تحقيق كل ‏الطموحات الخاصة والذاتية دون القفز على الأخلاقيات أو تحطيم الفضائل أو وأد ‏المبادئ.‏‏* الحضارات الإنسانية المؤثرة والخالدة لم تبنها الدماء ولم تُدمها الحروب بل ‏الانتصارات العلمية والاكتشافات الإبداعية في كل مناحي الحياة العلمية والطبية ‏والاقتصادية والمعرفية والتقنية. وهكذا انتصارات قربت الأمم إلى بعضها البعض ‏ونحن في زمننا هذا نعيش حالة تقارب وتواصل لم تعرفها البشرية على الإطلاق ‏طوال فترات تاريخها.. فالكون كله بكل أركانه واتجاهاته تحول إلى منزل صغير ‏يضم عائلة واحدة يسهل التواصل بين أفرادها.‏‏* ومن أجل تحقيق تقارب إنساني عالمي حقيقي فإبعاد الساسة عنه أو على أقل ‏تقدير قبولهم بنبذ العنف والذاتية المتطرفة هو أول خطوات نجاح وتحقيق ذلك ‏التقارب، ولعل فيما يحدث الآن في نهائيات كأس العالم في جنوب إفريقيا هو أحد ‏أهم الوسائل والآليات التي تحقق تقارباً عالمياً إنسانياً في كل مكوناته. فالمناسبات ‏الرياضية والمعارض الدولية للكتاب وللفكر والتواصل المعرفي بين المؤسسات ‏والهيئات والأكاديميات لا تخلق سوى أجواء فرح وانسجام لانعدام الذاتية ‏والمصالح الخاصة ومن هكذا فعاليات ينجح التقارب والتفاعل الحضاري الإيجابي ‏بين أمم الأرض كلها بغض النظر عن أي شيء آخر.‏
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store