Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

« أبو هلال» يتُوب.. و «أبو سراج» يحتفل! «2-3»

حتى في حالة الحرب، يحضر الفن، والشعبي منه خاصة، للحماسة وللتعبير عن نشوة الانتصار، أو لرفع المعنويات..

A A
حتى في حالة الحرب، يحضر الفن، والشعبي منه خاصة، للحماسة وللتعبير عن نشوة الانتصار، أو لرفع المعنويات.. والدلائل عبر التاريخ أكثر من أن تُحصى، وللاستزادة: اقرأ مقالاً كُتب في هذا الشأن بعنوان: «الطبل يدعم الوطن»!
واستكمالاً للحلقة الأولى التي بدأت بمقال الأسبوع الماضي، حول توبة «أبو هلال» واحتفال «أبو سراج»، فعند العلماء العارفين أن التوبة تكون بين العبد وربه، ولا تستلزم الإشهار والإعلان، وخصوصًا في زمن الفتنة وقلة العلم، وغلبة الأهواء.
ولذا يبرز مشهد حرق الفنان لأغنياته المصوّر كمشهدٍ خالٍ من أي أهداف واضحة أو نتائج محتملة تبرر الفعل، سوى أنه سلوك انفعالي - إن صدقت القصة وعُرفت تفاصيلها - خلّف شعورًا بالسعادة بالتوبة لدى متابعين وعلامات استفهام واستنكارًا لدى آخرين.
أما الموقف من الفن عمومًا فهو واضح آيديولوجيا، غامض قانونيًا وتشريعيًا، فمن الطبيعي أن تحدث الجلبة وفوضى ردود الأفعال تجاه كل ما يتعلق بموضعه.
المشهد البسيط والقصير لموضوعنا ليس مادة مقصودة بالتحليل بعينها، وإنما ما وراء الفكرة، ودور الفعل تجاهها، صغرت أم كبرت، وهي تقيس قناعات المجتمع واستجابته للمؤثر أيًا كان نوعه، ومداخل التأثير، هل هي عاطفية أو دينية؟ أم عقلانية ومنطقية؟
ومن زاوية أخرى: هل يُحتمل أن تحدث نزعة قوية - في ظل هذه الحماسة - أو اتجاه مفاجئ لأحد الفنانين الكبار، ويقرر الاعتزال، ليس الاعتزال وحده، وإنما محاولة تطهير الوجود من كل ما يعتقد الفنان أنه سببه من تعاسة لآخرين وكآبة وذنوب؟ فكيف سيطهر العالم مما اقترفه؟!
أعتقد أن فتوى صغيرة من متطرف تكفيري لا تحتاج إلى إقناع كبير كفيلة بأن يفكر الفنان المعتزل في تدمير شركة «يوتيوب» ليطهر نفسه ويريح ضميره !
ومع كل هذا سينقسم الشارع - بطبيعته - إلى محارب للفكر المتطرف، وراضٍ به - سرًّا أو علنًا-، أو داعم لمسيرة الاحتفال والابتهاج واستمرار الفن.. ومهما اختلفنا مع أي وجهة نظر.. فلن نقف تأكيدًا في صفّ إرهابي أو تكفيري هوايته الدمار والخراب.
وتبقى مسألة الإقناع هنا مسألة جديرة بالبحث والدراسة، فالمسألة ليست سهلة، ولعل المشاهد الآتية توضح المراد:
مشهد (1): يسمع الأغاني وداخله يؤنبه ويعيش صراعًا، ويفرحُ لتوبة المغني.
مشهد (2): يحرّم الأغاني بالكلية، ويتخيل الرصاص مذابًا في أذنيه لو مرّ بمن يسمعها، وهو مقتنع بذلك.
مشهد (3): يحرمها، وداخله (طروب) ويعيش بين بين، ويتمنى لو جالس أهل الفن، لكنّ نفسه تلومه.
مشهد (4): يسمع، ومعتقدًا بحلّية السماع وإباحته، ولا يجد حرجًا من الاستزادة، ويتمنى لو تعلّم.
المشاهد كلها حضرت لمتابعة المشهد الرئيس (الموضوع).. ما ضرّ هؤلاء لو عاشوا جميعًا، كل بقناعاته؟؟! وهم فعلا يعيشون جميعًا في مجتمع واحد.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store