Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

«القديح»

كان يحاورني في أكثر من شأن، وشعرت لأول وهلة أن لسانه ربما كان به خلل أو ربما كان السبب في معاناته مع الحياة والأحياء، فقررت أن أغيرّ دفة الحديث عسى أن يجد في السياق الجديد ما يعيد إليه الألفة المفقودة

A A
كان يحاورني في أكثر من شأن، وشعرت لأول وهلة أن لسانه ربما كان به خلل أو ربما كان السبب في معاناته مع الحياة والأحياء، فقررت أن أغيرّ دفة الحديث عسى أن يجد في السياق الجديد ما يعيد إليه الألفة المفقودة! قلت له والحزن يعصرني! ماذا لو كان ابنك أو حفيدك في بيت الله وتغتاله يد غادرة متعصبة، فردّ وقد استعاد لسانه صوابه : هذا أمر يهمك أنت وسواك، أما أنا، فما شأني به!
قلت: يفترض أن يعنينا جميعًا أنت وأنا والناسَ أجمعين!، لأن هذا الوطن يجمعنا وكلنا نحمل الهوية الوطنية ونأمل أن نعيش فيه بسلام. نحو غد جديد!
قال: مرة أخرى، هذا أمر لا يهمني في شيء، ولا يعني لي شيئًا!
قلت: بعيدًا عن سفسطة القول وتكراره: دعني أسألك سؤالًا مباشرًا: ما الذي يجعلك لا تقبل المذاهب الأخرى؟!
قال مستنكرًا: ماذا عساني أن أقول شيئًا يخالف ما قلت؟
قلت: أنت إذن الطائفية تعيش بداخلك (حتى الثمالة)! وأنت بهذا القول تترجم (غيبوبة الإحساس) مما قد يوحي بأنك والغيبوبة سواء.
قال: سمني بما شئت، وانعتيني بما شئت، واسخري مني كما تريدين، لكن دعني أسألك أنت: كيف تحلمين بغد نعيش فيه بسلام. لا تدرين أن كنتِ ستبلغينه، أم ستستبقينه إلى النهاية التي يبلغها كل البشر؟!
قلت: كيف لا تأْسين على جمعة مضت أشلاء من الجثث والدماء متناثرة والمصاحف ممزقة ومتناثرة في بيت من بيوت الله! وإذا كان أمسك ضائعًا، وغدك غامضًا، فهل يستحق يومك الراهن ومضة عين، أو رعشة إحساس؟!
قال: أفهم منك أنك متفائلة بقدر تشاؤمي؟
قلت: لست متطرفةً في تفاؤلي، ولا مسرفةً في ظني الحسن، بل أعشق الوسطية في أمور العقل والتعقل! الله خلقني وخلقك لنعبدَه لا نشرك به شيئًا، درب رحب للأمل، والحلم، وما دام في جسدي نبض وفي عقلي وقود حياة فسأُحْيِي يومي بالأمل لبلد يسعى للسلم والسلام وأترقب قدوم الغد اليوم.
قال: أفبهذا تستقبلين مصاب القريح؟
قلت: نعم، ورغم أنني قد حل يوم الجمعة الماضي علينا مُثْقَلًا بآلامنا. إلا أن كل الايام المقبلة ستكون في قاعة الملك عبدالله للأفراح بالقطيف أفراحا وليالي ملاحًا وستكون كل جمعة أندى رغدًا، وأكثر حريةً، وأثْرى صحة، وأنقى نفوسًا من أوضار الجهل وذل الطائفية!
هنا أدركت أننا (هو وأنا) قد أشبعنا موقفينا طرحًا، مع استمرار الاختلاف المريع في النتائج، فقلت له وأنا أبسط يدي إليه مودعة، أرجو الله أن يعيد إليك نفسك التائهة من أمل في التعايش بسلام. لتبدأ مع الحياة مشوارًا جديًا مع الحب والأمل تطلعًا إلى غدٍ أفضل!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store