«الله ما شفناه بالعقل عرفناه»

«الله ما شفناه بالعقل عرفناه»، حكمة توارثناها عندما يعلو صوت اللا عقلانية!! أصيب مجتمعنا في عقر دارنا ببعض الناس، بمرض خطير اسمه «الطائفية»، يندسُّ ذلك المرض بنعومة تحت جلدنا، ويبث سمومه فينا.
في السنوات الأخيرة مع انفتاح طرق التواصل الاجتماعي، والبث الفضائي التلفزيوني الذي يعمل على التجييش الطائفي، تكالبت تلك الأفكار الهدّامة على مجتمعنا تنبئ عن قدر مِن تخلّف أصحابها قولاً أو عملاً أو تعاملاً. يسمح لنفسه ناصحًا أو مقرّعًا، بقدر لا يخطئُه بصر، ولا يغيب عن بصيرة.
مرض الطائفية -والعياذ بالله- يفقد الشخص إنسانيته، وكل مَن يخالفهم نقدًا.. فهو كافر، لكنّه يبدو أنه طرأ ما هو أدهى وأدعى للعجب، فقد انضمّ أفراد ينتمون إلى مَن يدّعون أنهم «تابعون»، يمزجون كلامهم بأفعالهم في خلطة قذرة من الشتائم والتّهم والتزوير للمذاهب الأخرى، ويتباهون بقتل الأرواح البريئة، ورفع راية التشهـير السوداء بهم، وتلفيق التُّهم، ولكن أن يكون صاحب هذه اأفعال ممّن يدّعون أنّهم مسلمون يوحّدون بالله، فهذه الكارثة التي ﻻ قبلها وﻻ بعدها.
لقد انهار الفكر تمامًا، فزاوية النظر إلى المذاهب لديهم اختلفت. فالعقلية أصبحت أكثر انغلاقًا، وأكثر عنفًا، وأقل تحضّرًا، وغير قابلة على تقبّل الآخرين، أو حتّى تقبّل مذهب آخر.
وكان يا ما كان، كان هناك مجتمع، بيوت متجاورة، لا يفرّقهم مذهب، أو طريقة صلاة، أو وضوء، لقد انهارت لدى هؤﻻء هذه المفاهيم، وانعدمت في نفوسهم القيم التي انتشرت في الأرض كطيور تتكاثر في سواد الليل، وتتربّص بكل ما له علاقة بوحدتنا ووطنيتنا.
أُصبنا بعقلية مشوّهة محكومة بكافة العقد والتشوّهات، فبدﻻً من أن يصل هؤﻻء إلى التلاحم الوطني، ونكون يدًا بيد لحماية أرضنا، ازدادت لديهم الكراهية والعدائية تجاه الآخرين، وانفتحت شهيّتهم للموت في بيوت الله، ليتحوّلوا مع أيام لرموز للكراهية والجحود، وهي عقول لا يقرُّها إلاّ كلُّ ذِي فطرةٍ مريضةٍ، أو عَقْلٍ سَقيمٍ. نعم عندما تغيب ثقافة المواطنة والتعددية في المجتمعات، ويغيب الانتماء الوطني في المجتمع، فإن الهوية الطائفية تكون هي البديل، لذلك حان وقت تشريع قوانين صارمة بتجريم التحريض المذهبي، ونشر فكر المواطنة والتعددية في المجتمع.