Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

عن التفجير: «البنشري» قد لا يُصلِح الماكينة!

بعد الأحداث الأخيرة في المنطقة الشرقية يأتي السؤال المُلِحّ: ما هي رؤية الفرد الواحد في المجتمع لقضية التفجير المبنية على التكفير؟ وكيف يفهم الفرد علاقة الدولة -كجهاز- بأفراد المجتمع؟

A A
بعد الأحداث الأخيرة في المنطقة الشرقية يأتي السؤال المُلِحّ: ما هي رؤية الفرد الواحد في المجتمع لقضية التفجير المبنية على التكفير؟ وكيف يفهم الفرد علاقة الدولة -كجهاز- بأفراد المجتمع؟ وهل يعي الفرد دوره الحقيقي -في حالة وعيه بالمشكلة- في مساندة الدولة لتحجيم أضرار الأحداث أو اختفائها؟ وما هي المرجعية للفرد تجاه الأحداث؟
ولتوضيح الفكرة أكثر تحضر القصة المتكررة كمثال:
يحزّ في نفسي كثيرًا -ومن واقع خبرة عملية كميكانيكي صغير في ورش السيارات- سؤالُ كثيرٍ من الناس للبنشري عن نوعية الزيت الأجود إطلاقًا، والمناسب للسيارة؟ ودرجة لزوجته، ومقاومته للاحتكاك، وسؤالٌ أكثر اختصاصًا: لماذا احترق الزيت عندي بهذه السرعة؟ وكيف ينقص بمقدار علبة أو اثنتين؟
مهمّة «البنشري»: تغيير البطاريات، أو إصلاح الإطارات، وتغيير الزيت بما يوافق محرّك السيارة حسب أوراقها، وتوصية السائق لا بما لدى البنشري من خبرات قديمة سبقتها التطوّرات اليومية في صناعة السيارات.
والنتيجة المتوقعة من عامل تغيير الزيت لأسئلة الفرد المزعجة هي: إجابات تلقائية، فوضوية، عائمة قد تصيب، وقد تخطئ.
ومع خبرة البنشري المحدودة مع الزيوت؛ إلاّ أنها مهما بلغت لن تصل ربع مقدار خبرات ميكانيكي شرب تفاصيل أجزاء ماكينة السيارة، وأنواع الاحتراق، والمؤشرات الحقيقيّة، وتفاصيل الأعطال.. ولماذا؟ ومتى «تبوّش»؟ بمعنى تتعطّل كليًّا الماكينة. وكيف هو الحل؟ وهل يكون بقرار جازم بـ(الإعدام)، أو بإعادة «التوضيب» الذي سيكلّف كثيرًا، ونتيجته خسارةٌ في الجهد، والوقت، والثروة لإعادة المحرّك كما كان!
وأين هو دور (الشركة الأم) من كل هذا بدءًا من تشغيل المحرّك لأول مرة، وانتهاء بعمله المستمر، وصيانته، وإصلاحه إذا لزم الأمر؟
أبعث هذه الصورة التقريبية لمحاولة رسم ملامح العلاقة بين الفرد والدولة في علاج المشكلات المجتمعية والوطنية.
فالناس في حال وقوع مشكلة، أو ظاهرة اجتماعية، مرض منتشر، أو إرهاب، يبحثون عن المعلومة بأيسر الطرق للحلّ، ويتوقون للغريب والممنوع -أحيانًا- والمبالغ فيه كطبيعة بشرية رغم توفر المعلومة من الجهة الرسميّة دائمًا، وهم بهذا يمثلون حالة الباحث السابق عن جودة المحرك عند «البنشري»، والبنشري نفسه يمثل هنا دور «العامي من الناس» في الفتوى من غير أهلية، رغم قربه من أهل الاختصاص!
والميكانيكي صاحب الاختصاص في هذه الحالة، هو قادة الرأي في المجتمع، من علماء، وكتّاب، ومثقفين، ومفكّرين، وأصحاب الحكمة المشهود لهم، وليس المعيار هنا الشهرة!
والدولة هي (الشركة الأم). فعلى الرغم من أنها المرجعية الكبرى، وقد وفّرت كتالوجات توضّح وتشرح كل صغيرة وكبيرة في (السيارة - المجتمع)، وحدّدت نوع الزيت المناسب لكل محرّك؛ لضمان سيره المعتدل، بحكم أنّها الصانع، إلاّ أن بعض قائدي السيارات يتحاشون التعليمات، ويصرّون على البحث عنها لدى (البنشري - العامّي) كسلاً أو جهلاً..!
وعليه؛ فمهما بلغ الجهد والبحث في محاولة الإصلاح بين الورش العادية، أو المتخصصة، أو غيرها، فلا مناص من الرجوع للشركة الأم!
ولو اتّبع الجميع تعليمات (الشركة الأم) لما لجأوا أبدًا إلى كثير من المشكلات كبيرها أو حتى صغيرها.
وهذا لا يلغي دور الورش الصغيرة، ولا عمال البناشر، ففي حال أي تغيير للزيت مثلاً، وتُركت السدادة جهلاً، أو تسرّعًا، أو حتى عمدًا، فلو اتّبعت تعليمات الشركة بحذافيرها، ومهما سكبت أفضل الزيوت نوعًا.. فكلّه إلى هواء!
وهذا معنى تحقيق التكامل بين الجميع.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store