البريد السعودي

أتحفني صديقي المشاكس ذات ليلة باتصال هاتفي وكان يعاني من ارتفاع بضغط الدم إثر تجاذبه أطراف الحديث مع أحد الضيوف عن حرارة الصيف خلال مأدبة عشاء دعي إليها، حيث أصر الضيف أن الشعور بحرارة الجو لا تعدو أن تكون مسألة نفسية بحتة واستدل “فيلسوف زمانه” على ذلك بأنه تعرض شخصياً لأجواء مناخية وصلت حرارتها أكثر من ( 45 ) درجة مئوية ورغم ذلك لم يستشعر بحرارة الطقس أو يتصبب عرقاً.وعندما تهكم صديقي سائلاً «آمل أن لا ينطبق ذلك أيضاً على برودة الطقس» جاء رده إنها أيضاً مسألة نفسية فمن الممكن أن تقضي ساعات في البرد القارس بدون الشعور ببرودة الجو .يسترد صديقي حديثه، أيقنت بعدها أنه لا مجال لإقناعه بالعدول عن تلك النظرية «الخارقة للعادة « وقررت الانسحاب من المجلس بعدما ارتفع ترمومتر ضغطي.تذكرت تلك النظريات بعد مطالعتي لتقرير أعدته إحدى الصحف المحلية عن البريد السعودي وأنه أصبح الأفضل عالمياً نقلاً عن لسان أحد المسؤولين ( ولا أدري من الذي قيم أداء هذه المنشأة الهامة وجعلها من الأفضل عالمياً ) وأنه أصبح قدوة يحتذى بها لباقي المؤسسات في جميع أنحاء العالم ( ولا أعلم طبيعة تلك الدول ولا مؤسساتها التي اقتدت بنا ) وأنه ليس هناك مواطن واحد لم تصل رسالته إليه، حينها تصببت عرقاً ( بالرغم من تواجدي بغرفة مكيفة ) فقلت في نفسي صدق «ذلك الضيف» فهي مسألة نفسية فعلاً.وحتى لا أهضم حق هذه المؤسسة والنهضة التي شهدتها خلال الفترة السابقة فإنه وبدون أدنى شك تعد أحد الصروح الوطنية الواعدة والتي نطمح في المزيد من نجاحاته وتطوره ولكن هناك العديد من العراقيل التي تصطدم بها مثل عنونة المساكن، وتسمية الشوارع وثقافة المجتمع في الحفاظ على ممتلكاته وليس هذا فحسب، بل إن التطور المذهل لتقنية البريد الالكتروني قد ألقت بظلالها على نشاط البريد التقليدي بل وساهمت أيضا في تطور التجارة الالكترونية والتي أصبحت تنمو بسرعة مذهلة خلال العشرة أعوام الماضية، وتفصلنا عن ركب ومواكبة تلك التكنولوجيا آلاف الأميال. همسة : الجميل أن يكون لنا رؤية مستقبلية وأهداف واضحة المعالم ولكن يجب أن لا تصطدم بواقعنا المرير وتتحول إلى أحلام وردية.Salehefni@gmail.com