قُدّر لي الذهاب إلى أحد فروع بنك متخصص في التحويلات المالية إلى الخارج، فذُهلت للحركة الدائبة المستمرة داخل الفرع، فالطابور لا يكاد يخلو من المحوّلين أموالهم والمحوّلات، وهي في الواقع طوابير متعددة لا طابورًا واحدًا.أولاً: ليس لديّ اعتراض على أي تحويل شرعي، فهؤلاء بذلوا جهدهم، وتصبب عرقهم، وأغلبهم يرسلون المال إلى ذويهم آباء وأمهات وأزواجًا وبنين وبنات، ينتظرون تلك الدريهمات بفارغ الصبر، فهنيئًا لهم، وبارك الله لهم فيما قلّ وكثر. وقد بلغ حجم تلك التحويلات العام الماضي قرابة 120 ألف مليون ريال بزيادة 15% عن العام السابق لها. لكن السؤال الأكبر الذي يتربص بنا هو: ما نسبة الشرعي إلى غير الشرعي، وما نسبة الأبيض منه إلى الأسود؟ أي ذلك الذي يتم حصاده عبر قنوات غير شرعية مثل الدعارة والمخدرات وغيرها من الموبقات التي تُغسل أموالها ثم تُحول إلى الخارج لتبدو شرعية رسمية معتبرة!! بعض التقديرات المتخصصة تضاعف أرقام التحويلات أي أنها تتوقع ارتفاع حجم التحويلات إلى أكثر من 200 ألف مليون ريال العام الماضي، وأن جزءًا كبيرًا منها (يقترب من النصف) مغسول بكل أنواع المنظفات ليكون ظاهره البراءة ومن قبله الحرام والعذاب. السؤال التالي عن مدى نجاعة الآليات المستخدمة للكشف عن هذه التحويلات غير الشرعية، ومن المسؤول عن متابعتها والحد منها، والإعلان عن مصادرها!! والسؤال الآخر عن مدى تغلغل نفوذ أصحاب المصلحة من هذا الغسل غير الشرعي! وما مدى احتمال عودة هذه الأموال إلى الداخل مرة أخرى؛ ليستفيد منها المجرم الأصيل مواطنًا كان أو مقيمًا!!وكم سمعنا عن دعوات تطلق هنا وهناك تحذّر من عمليات غسل الأموال، وكذلك عن دورات قُدّمت لبعض أهل الاختصاص من القضاة والمحققين!! لكن ما أثر هذه الجهود المتواضعة في مكافحة آفة هائلة، وجريمة منظمة وآليات محكمة لم تُنج منها أي من دول العالم مع مراعاة فوارق الحجم وحظوظ النجاح في مكافحتها. هذا الاقتصاد الأسود، والخطر الأحمر جدير باتّساع دائرة الحرب عليه كي نحد من آثاره السلبية الهائلة على الفرد والمجتمع، وعلى المال والاقتصاد.Salem_sahab@hotmail.com
التحويلات المالية: ما نسبة غير الشرعي؟!
تاريخ النشر: 12 يوليو 2010 06:14 KSA
قُدّر لي الذهاب إلى أحد فروع بنك متخصص في التحويلات المالية إلى الخارج، فذُهلت للحركة الدائبة المستمرة داخل الفرع، فالطابور لا يكاد يخلو من المحوّلين أموالهم والمحوّلات، وهي في الواقع طوابير متعددة لا طابورًا واحدًا.أولاً: ليس لديّ اعتراض على أي تحويل شرعي، فهؤلاء بذلوا جهدهم، وتصبب عرقهم، وأغلبهم يرسلون المال إلى ذويهم آباء وأمهات وأزواجًا وبنين وبنات، ينتظرون تلك الدريهمات بفارغ الصبر، فهنيئًا لهم، وبارك الله لهم فيما قلّ وكثر. وقد بلغ حجم تلك التحويلات العام الماضي قرابة 120 ألف مليون ريال بزيادة 15% عن العام السابق لها.
A A