Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

رحيل فاطمة

هذه قصة (فاطمة)، أم غائبة أكتب لكم عنها بكثير من الحب، إنها خليط من الأمهات كل شيء فيها بسيط كالتفاصيل العفوية، تتحدث بلغة الأم التي أنجبت العظماء من أبنائها وبناتها، عاشت في المصيف بمدينة الحدائق الخ

A A
هذه قصة (فاطمة)، أم غائبة أكتب لكم عنها بكثير من الحب، إنها خليط من الأمهات كل شيء فيها بسيط كالتفاصيل العفوية، تتحدث بلغة الأم التي أنجبت العظماء من أبنائها وبناتها، عاشت في المصيف بمدينة الحدائق الخضراء التي تنجب الورد الطائفي والضباب الداكن والسماء التي تمطر ماسًا ونعاسًا وحلمًا جميلا حيث نسمات برودة الهواء على الأرض كبساط يرتدي لباسًا أبيض شفافا. كان لها عطر مميز خاص بها تحضره من (الورود الطائفية). لم يكن عطرًا صناعيًا كان عطرًا طبيعيًا هو خليط من رائحة تراب (الطائف) المبتل بهتان مطر المدينة التي تسكنها، حتى ذلك العطر شعرت إنه رحل برحيلها في عزائها رافقها عطرها بل رائحتها على عنقها في تراب مكة التي دفنت فيه وكأنه يلقننا درسا لرائحة الأمهات.
وكما يضيء الحلم من بعيد وتقتفي أثر الضوء تبعت (فاطمة) نظامًا لأيامها وبحثت بين أيامها ولملمت كل خبراتها الزمنية لأولادها وأحفادها بأخلاقيات يمشون على خطاها.
عندما بدأ الوهن والضعف والمرض يحتل جسد (فاطمة) ويسيطر عليه أثر ذلك على وجهها النوراني الأكثر إشراقا وأصبح عودها الغض يابسًا تحولت إلى كائن طيفي يقتات اللحظات بانتظار الموت، وتمضي الأيام لترحل (أم عبدالله) بجوار ربها. غفت تلك الأم العظيمة بصفاء وطمأنينة دون حروب نفسية. وحقق الله حلمها الذي طالما خاطبته كثيرًا أن يحققه أن تدفن في (مكة) وصلى عليها في البيت الحرام مئات الألوف من المصلين الصائمين المعتمرين في هذا الشهر الكريم، وفي البيت الطائفي الفاطمي تتضرع الأفواه بالدعاء وكم كان جميلا ذلك الوفاء.
نعم رحلت (فاطمة) مع الرياح التي جلبتها، امتطت الرياح ذاتها التي أتت بها. ورحلت كأمهاتنا اللاتي سبقنها. اختصرت حبها ونهجها في كل الأمهات.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store