Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الظلوم هو الملوم

قصص الظلم مرعبة مخيفة، عندما تقرأها، فكيف بمن حضرها وشاهدها، بل ما هو حال من تعرض لفصولها، وكان من ضحاياها!! والتاريخ يفيض بالعبر ولا معتبر من الظالمين المستعلين، والقصص يطفح بالدروس وقليل هم المدركون المتراجعون.

A A
قصص الظلم مرعبة مخيفة، عندما تقرأها، فكيف بمن حضرها وشاهدها، بل ما هو حال من تعرض لفصولها، وكان من ضحاياها!! والتاريخ يفيض بالعبر ولا معتبر من الظالمين المستعلين، والقصص يطفح بالدروس وقليل هم المدركون المتراجعون. وهذا أحمد بن طولون مرت عليه أيامه الأولى من الحكم، وقد استغاث الناس من شدة ظلمه حتى ذهبوا إلى السيدة الكريمة نفيسة بنت الحسن بن يزيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ابنة حفيد سبط النبي عليه الصلاة والسلام. ولما رأوها شكوا إليها، فقالت لهم: متى يركب؟ قالوا: في غد: فكتبت رقعة وقفت بها في طريقه، وقالت: يا أحمد، يا ابن طولون، فلما رآها عرفها، فترجل عن فرسه، وأخذ منها الرقعة وقرأها، فإذا فيها: (حكمتم فأسرتم، وقدتم فقهرتم، وخُولتم فتعسفتم، وردت إليكم الأرزاق فقطعتم، هذا وقد علمتم أن سهام الأسحار نافذة غير مخطئة لا سيما من قلوب أوجعتموها، وأكباد جوعتموها، وأجساد عريتموها، فمحال أن يموت المظلوم ويبقى الظالم، اعملوا ما شئتم فإنا صابرون، وجوروا فإنا إلى الله مستجيرون، واظلموا، فإنا متظلمون، «وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون». قيل فلم يظلم بعدها ابن طولون ابداً. هكذا وقف عند حده الرجل العاقل الذي أراد الله به خيراً، ولو فعل غير ذلك لكانت عقباه غير محمودة ولذكره التاريخ بأسوأ ما ذُكر الظالمون والمستبدون. وفي المقابل حُكي أن الحجاج حبس رجلاً ظلماً، فكتب إليه رقعة فيها: (قد مضى من بؤسنا أيام، ومن نعيمك أيام، والموعد القيامة، والسجن جهنم، والحاكم لا يحتاج إلى بينة، وكتب في آخرها: ستعلم يا نؤوم إذا التقينا غداً عند الإله من الظلومأما والله إن الظلــم لؤم وما زال الظلوم هو الملومسينقطع التلذذ عن أناس أداموه وينقطـع النـعيمإلى ديان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصومولم يعلم أن الحجاج تراجع يوماً عن بطشه وظلمه، فانظر حاله وحال ابن طولون، وكيف ذكر التاريخ سيرة كل منهما، والتاريخ راصد أمين لا تغيب عنه الحقائق بعد أن يغيب أصحابها في ظلمات القبور.Salem_sahab@hotmail.com
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store