Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هل يمكن العيش دون رشوة وواسطة ومحسوبية؟

خلصت دراسة نشرتها Harvard Business review بأن الشركات البريطانية العاملة في العديد من دول العالم الثالث لا يمكنها العيش دون اللجوء للرشوة باعتبارها أداة لا غنى عنها للعمل التجاري في تلك الدول. 

A A

خلصت دراسة نشرتها Harvard Business review بأن الشركات البريطانية العاملة في العديد من دول العالم الثالث لا يمكنها العيش دون اللجوء للرشوة باعتبارها أداة لا غنى عنها للعمل التجاري في تلك الدول. 

هذه الشركات البريطانية وقبلها الأمريكية شكت كثيراً لحكوماتها بأن أنظمتهم الصارمة التي تمنع الرشوة وتجرِّمها تؤدي لخسارتهم مبالغ طائلة لأن العقود في الدول «الفاسدة» -حسب قولهم- ترسو دائماً على شركات أقل كفاءة بكثير ولكنها مستعدة لدفع الرشاوى دون تردد. ضرر الرشوة هنا لا يقتصر طبعا على الشركات الغربية، ولكنه يصيب أكثر البلد «المرتشي»، والذي يدفع أكثر مقابل خدمات أقل، بينما يذهب الفرق لجيوب الفاسدين. 

بعض الحكومات الغربية أصبحت نتيجة لذلك تغض الطرف عن هذه الممارسات غير الأخلاقية تحت ضغط من شركاتها الكبرى إضافة لخشيتها من تأثر اقتصادها بسبب خسارة الصفقات والعقود الضخمة. 

هل هذه الأسباب تجعل من الرشوة عملاً أخلاقياً وقانونياً؟ الإجابة في رأيي هي قطعاً لا، بل أني أرى أنه لا ينبغي حتى على المستوى المحلي إعطاء المبررات لتلك الممارسة بدعوى الضرورة.

هذا النقاش سمعته كثيرا أيضاً عند الحديث عن الواسطة والمحسوبية في التوظيف والتي أجزم -دون حاجة لدراسات وإحصاءات- بأن غالبية الناس لدينا يرون أنه لا غنى عنها، بل أنها أهم بكثير من الكفاءة والمؤهلات!

موقفي الرافض للواسطة والمحسوبية بدأ مباشرة بعد تخرجي من الجامعة بتفوق، والأول على الدفعة، ومع ذلك ذهبت وظيفة «معيد» الوحيدة لشخص آخر. الألم الذي شعرت به حينها كان إيجابياً من ناحية أنه جعلني أنبذ الواسطة وأتجنبها (قدر المستطاع)، ومن ناحية أخرى دفعني للبحث عن حل يحول دون إعاقتها لي مرة أخرى.. هذا الحل هو الجهد المضاعف لتحسين موقفي تعليماً وتدريباً وأداءً بشكل يضاعف المسافة بيني وبين «المنافس» وذلك حتى لا أحتاج لواسطة. هذه كانت نصيحتي الدائمة لطلابي في الجامعة الذين يشكون لي باستمرار خشيتهم من «الواسطة» بعد التخرج، وهو تطوير قدراتهم وتحسين أدائهم.. هذا هو الحل المتاح رغم أن الواسطة والمحسوبية كثيراً ما تكون للأسف أقوى من كل العوامل الأخرى. 

في أرشيفي على تويتر وجدت عدداً من التغريدات المعبرة عن ذلك ومنها: 

-(صحيح أن الواسطة والمحسوبية لا تقتلك، لكنها تسرق منك أغلى ما تملك، مجهودك وسنوات من عمرك)

-(لا أعتقد أن هناك عائقاً للتنمية في بلادنا أشد ضرراً من الواسطة والمحسوبية، إنهما أشد الأوبئة المسببة للإحباط. #لو_كانت_الواسطة_رجلا_لقتلته).

بدورنا نسأل أيضاً، هل بإمكاننا العيش دون واسطة ومحسوبية؟ 

الإجابة بكل أسف وصدق هي لا، والحل هو في مبادرة حقيقة تتابع وتجرِّم هذه الممارسة باعتبارها ألد أعداء التنمية والتطور.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store