قاعة الملك عبدالله بالقطيف!!

دُعيتُ للمشاركة في حفل لجائزة القطيف للإنجاز، بقاعة الملك عبدالله للمناسبات بمدينة القطيف؛ أُنشئت القاعة بتمويل من الملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله- بعد أن شبَّ حريقٌ في خيمة مُعدَّة لزفاف عروس من أهالي القديح، وكانت الخيمة مكتظَّةً بالنساء والأطفال، ولم تستمر بها النيران إلاَّ بضع دقائق؛ حتى أتت على أغلب مَن فيها من النساء والأطفال؛ لتخلّف 76 حالة وفاة.
بعد الانتهاء من الحفل كنَّا نتحلَّق على رائحة الشاي، نتبادل فيها الحوار، وتتطوّر الأحاديث بيننا، وتنوّع وتلوّن مع أخواتنا القطيفيات. وسمعت ما أثلج صدري منهنَّ أن هناك أحياءً بكاملها تُسدد فواتير الكهرباء على حساب الراحل الملك عبدالله -رحمه الله- وبقي مصابو الحريق يتعالجون على حسابه -رحمه الله-.
هذه المعلومات في ظل السعير الموجع ممّا حلَّ بنا أشبه بملجأ نحتمي فيه من سطوة التآكل، ونستنبط منه رحيقًا يثلج صدورنا، وبما قدمه الراحل لمنطقة عزيزة علينا أهلها منا وفينا. أمسكت بلجام كلماتي ما استطعت، قبل أن تخرج مندفعة نحو مسامعهنَّ، ثم قلتُ لهنَّ -بعد أن شعرت بوجع مرير-: ليته يرى كيف تستقبل أزهار تربته دموع مَن يعدِّد أعماله، فعبدالله بن عبدالعزيز أحبَّ المواطن بقلبه قبل عينه. عاش بيننا كغيره من الخلائق، وهو إنسان حافٍ في بهو الانتظار، يضرب لنا موعدًا جديدًا للقائه القادم في دار الحق، سندعو له بالرحمة فقد انتهى رمل الساعة، ورحل عنا.
.. نعم، القطيف منا وفينا.. لكن الانكسار يسري أحيانًا كوجع الغفلة عندما يحاولون، يلغمّون، ويشوّهون أذهان أبنائنا.. فحين نثقب السفينة للأسف يدخل إليها كل شيء.. والذروة التي تخفي وراءها المنحدر.
إن الرسالة والعناية والرعاية من عمل الملك عبدالله -رحمه الله- تحفر أخدودًا في قلوبنا.
الوجع الذي أكتبُ عنه اليوم ليس بمستغرب في زمن شحنت أذهاننا بالطائفية، والحزبية، والمذهبية، والانتقال من تلك المرحلة لمرحلة أخطر وأقسى، وهي إباحة قتل الآخرين باسم الدِّين، وهل هناك أخطر من أن يستهدف حماة الوطن ورجاله وهم خاشعون بين يدي الله؟ فذلك الوجع الأكبر.