Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

تباليسُ الشَّيطانِ وصوتُ التَّحريضِ

No Image

لا شكّ أنّ بين ظهرانينا جملةً ممّن ينْخرُ في أجسادنا نخرًا لا نكاد نستبينه؛ في مدارسنا، وجامعاتنا، ومساجدنا، وبيوتنا، وفي وسائل إعلامنا، تحت مظلات وعباءات وحجب تأخذ الدّين ستارًا؛ لتمرير أفكاره الفاسد

A A
لا شكّ أنّ بين ظهرانينا جملةً ممّن ينْخرُ في أجسادنا نخرًا لا نكاد نستبينه؛ في مدارسنا، وجامعاتنا، ومساجدنا، وبيوتنا، وفي وسائل إعلامنا، تحت مظلات وعباءات وحجب تأخذ الدّين ستارًا؛ لتمرير أفكاره الفاسدة في مجتمع موطن قوّته في دينه، كما هو موطن ضعفه واستسلامه..!!
وإذا كانت الأمّة كثيرًا ما تُبتلى بالمحن العظام، وتُخْتبر بالخطوب الكِبار، وهو حال الأمم، وديدن المجتمعات؛ ولكن أن تكون بلواها وخطوبها وجلائل أمورها من بعض أبنائها فذلك الشّرُّ المستطيرُ، والهلاكُ المبينُ!!
إنّنا نتفهّمُ طيش الشباب، ونتفهّم عنفوانه، ونتفهم -أيضًا- ميله إلى الإقدام؛ ولكّننا لا نتفهم -أبدًا- أن يُجيّر بعض هؤلاء الشّباب إلى الخراب والإفساد والدّمار، وما يتبعها من هلاك الأنفس المعصومة، واستباحة الدماء البريئة، إلاّ إذا كان هناك شطط في الفكر أملاه من أغوته تباليس الشّياطين، وتلقفته يد الانحراف والضّلال!!
بين الفينة والأخرى تعلن وزارة الداخليّة عن قائمة جديدة من المطلوبين أمنيًّا في قضايا إرهابيّة، والفاحص في صور تلك القائمة، وما سبقها من قوائم يلمح مدى التّغرير البيّن في وجوه حدثاء الأسنان سواء كان على مستوى الداخل أو الخارج، حتّى أنّ البعض منهم يستعصي عليه قراءة عبارة صحيحة سليمة دون الوقوع في أخطاء بالجملة.. ناهيك عمّا سواه من مقاصد الدّين.. فمن أين جاء هؤلاء؟!
لقد جاءوا من حيث تأتي تلك الفتاوى المحرّضة على الجرم؛ سعيًا نحو مباركة العنف والتّرويع والإرهاب؛ باسم الدّين والجهاد، ومنازلة الأعداء، فزجّت بهم تلك الفتاوى إلى أتون التّخريب والقتل، وأدخلتهم في براكين مجلجلة من الأعمال التّخريبيّة المشوّهة لصورة الإسلام والمسلمين، ودفعت بكثير من البسطاء والبلهاء إلى إزهاق الأرواح المعصومة بعصمة الدّين، وإلى حيث إثارة الفتن والبلابل، وإضاعة الأموال والثّروات، وهتك الأعراض والحرمات ظلمًا وجورًا في صورة من صور الباطل والبهتان المبين!
إنّ الناظر -كما يقول أحد الدّارسين- في هذه الفتاوى والاجتهادات الصّادرة إزاء هذه الظّاهرة، يحفز المرء إلى تقرير القول بأنّ الحاجة تمسُّ إلى القيام بقراءة نقديّة، موضوعيّة رصينة متّزنة، تعتصمُ بأصول الشّرع النّاصعة، وتستحضرُ مقاصده السّامية، وتلتزم بمقرراته الخالدة الثّابتة، وتستنير باجتهادات أئمّة السّلف الصّالح، وتنطلق تلك القراءة من النظرة العلميّة الشموليّة المتكاملة التي تتبرّأ من المنهجيّة التطويعية، والنّظرات التجزيئية الحماسيّة المهلكة، والانطباعات العاطفيّة، والتأثر السلبيّ بما يموج به العالم من أحداث ومواقف غير منصفة للإسلام والمسلمين على حدّ سواء!
لقد كان حريًّا بأولئك الذين أفتوا بمشروعيّة أو مباركة هذه الظّاهرة الخطيرة التي عمّت بها البلوى، وأوشكت أن تقضي على مقاصد الشّرع برمّتها التزام العلميّة والموضوعيّة، والتّجرّد كما هو منهج المحققين من أئمّة السّلف الصّالح في تعاملهم مع مستجدات العصر، ذلك المنهج الذي يملي على من توافرت فيه أهلية الاجتهاد والإفتاء ضرورة استفراغ طاقته الذهنيّة والحسيّة الشاملة والمتكاملة والقائمة على حسن الإحاطة بحقيقة المسألة المُجْتهد فيها عملاً بالقاعدة الأصولية الناصعة المتفق عليها لدى المحقّقين من أهل العلم بالأصول: الحكم على شيء فرع عن تصوره.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة