Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

المجالس البلدية وسؤال الفعالية

لا شك أن الأرقام المعلنة في الصحف عن أعداد المقبلين والمقبلات على التسجيل في قيد الناخبين؛ لازالت حتى الآن دون المأمول.

A A
لا شك أن الأرقام المعلنة في الصحف عن أعداد المقبلين والمقبلات على التسجيل في قيد الناخبين؛ لازالت حتى الآن دون المأمول. وذلك رغم الضجة الإعلامية ومعارك الممانعات، التي صاحبت وتُصاحب تدشين دخول المرأة السعودية للمجالس البلدية.
تحاول بعض التقارير الصحفية تسليط الضوء على عزوف المرأة عن التسجيل، رافعة علامات الاستنكار والتعجب، فالمرأة تُمنح اليوم حقاً طالبت به حتى أُقَر بُناء على الأمر الملكي عام ٢٠١١، «فكيف لا تنتهز هذه الفرصة التاريخية المتاحة لها»؟.. فيما تتغافل -هذه التقارير- أن العزوف سمة مشتركة بين الرجال والنساء، وهو حصاد لتجربتين سابقتين لم ترقيا لمستوى الطموحات الشعبية. وهنا يبدو سؤال الفعالية والجدوى مشروعاً ويستحق إجابات شافية تجلي الصورة وتلوح بالوعد بتغيير حقيقي ينعكس على واقع المواطن. وقد كان حريًّا بوزارة الشؤون البلدية والقروية أن تحاول محو الصورة السلبية، التي ترسّخت في الوعي الجمعي عن المجالس البلدية قبل انطلاقة الدورة الانتخابية بوقتٍ كاف. وأن تُكثِّف حملات توعوية ودعائية، يتم فيها التركيز على تطوير المجالس البلدية والصلاحيات الجديدة الممنوحة لها، والذي يتجلَّى في عدة نقاط لعلّ أهمها: استقلالية المجالس عن الأمانات شكلاً وموضوعاً، ورفع عدد الأعضاء وزيادة المنتخبين منهم إلى الثلثين، وتحديد الخطوط الفاصلة بين دوري الأمانة والبلدية، مما سينعكس إيجاباً على فعالية المجلس ودوره التشريعي والرقابي.
تتغافل التقارير الآنفة الذكر أيضاً عن الفقر المدقع لمشاركة المرأة في الفضاء العام، مما يجعل مجرد الدخول لمجال عمل جديد أمراً شاقاً يتطلب تفكيكاً ثقافياً، فكيف إذا تعلّق الأمر بالشأن العام والمشاركة في صناعة القرار؟! وهنا لا بد من الاشتغال على البنى الفكرية النمطية التي تحصر المرأة في دائرتها الضيقة جداً، والتي كثيراً ما تجعل منها هي نفسها الحارسة الأكثر تشدداً في تقييد ذاتها داخل هذه الأطر. مما كان يستدعي أيضاً حملات مكثفة عن أهمية مشاركة المرأة وانعكاسه الإيجابي على المجتمع. وهنا أيضاً لم يكن دور الوزارة بالقدر المأمول، كما أنها أغلقت الأبواب في وجه المبادرات المدنية كمبادرة «بلدي»، وكان حريًّا بها أن تُشرك المجتمع المدني في المسؤولية.
اليوم حلم مشاركة المرأة في الانتخابات البلدية صار واقعاً قريب القطاف، وهو اعتراف بمواطنة المرأة الكاملة انتظرته طويلاً، وخطوة في طريق التمكين الطويل وإقرار أهليتها الكاملة. وممارسة هذا الحق لاشك ولّدت كثيراً من الأسئلة والجدل الصحي عن الإشكاليات المعيقة للمرأة.
أخيرا الانتخابات البلدية فرصة لصناعة القرار في الحدود المتاحة، والمساهمة في خلق تغيير إيجابي، فلنغتنمها جميعاً رجالاً ونساءً، ونخلع عن أنفسنا روح السلبية.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store