Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أساتذة الجامعات وخطاب التّنظيمات الإرهابيّة

No Image

عانت المملكة العربية السعودية في السّنوات الأخيرة للعديد من سوءات الأفكار المنحرفة كصورة من صور سوء الفَهْم للنّصوص الشرعيّة، وبسبب ذلك الانحراف والفهم القاصر قامت بعض الجماعات والتّنظيمات الإرهابيّة

A A
عانت المملكة العربية السعودية في السّنوات الأخيرة للعديد من سوءات الأفكار المنحرفة كصورة من صور سوء الفَهْم للنّصوص الشرعيّة، وبسبب ذلك الانحراف والفهم القاصر قامت بعض الجماعات والتّنظيمات الإرهابيّة كـ(القاعدة) و(داعش) -مثلاً- بالكثير من الأعمال التّخريبيّة داخل السعودية، وهما تنظيمان أخذا على عاتقيهما نشر بذور الإرهاب والفكر المنحرف، وتبنّي الكثير من أعمال الإفساد والتّخريب حتى طالت بيوت الله، وما يتبعها من قتل الأنفس المعصومة سعياً لزعزعة أمن هذه البلاد المباركة، والنّيل من استقرارها.
ولعلّ تلك الأسطر قبلاً أصبحت في حُكم المعروف خاصّة في الأوساط الاجتماعيّة داخل السعودية؛ ولكن مع ذلك، تبقى بعض الملحوظات التي تتراءى في الأفق تتّجه نحو بعض الأصوات الغائبة أو الصّامتة عن صراع الوطن مع تلك التّنظيمات الإرهابيّة يستطيع أن يتلمّسها المراقب والمتابع بصورة أو بأخرى.
فحيثما اتّجه المراقب يلحظ بجلاءٍ، أنّ أغلب أصوات أساتذة الجامعات شبه غائبة، أو صامتة ما عدا أسماء معروفة كان لها دورها الكبير في محاربة الفكر المنحرف وكشف سوءته وبيان عَوَره أمّا البقيّة، وهي كثيرة، فهي شبه غائبة وقد ارتهنت للصّمت والصّمت المثير للقلق؛ فضلاً عن الحيرة والتّساؤل...!!
لم يعد من الصّواب والكياسة في ظلّ هذا الانحراف الفكري من جهة، وسفك الدّماء من جهة أخرى كالذي تقوم به تلك التّنظيمات الإرهابيّة وفي رأس القائمة تنظيم «داعش الإرهابي» أي مبرّر للسّكوت عن مساوئ هذا التّنظيم سواء على المستوى القريب أو البعيد من قبل أولاءٍ الأكاديميّين، كون سكوتهم في الجملة، لا يكاد يخرج عن تفسيرين، وكلّ تفسيرٍ منهما يستبطن في جوفه عمق الشّقة ناهيك عن مرارتها.
فالأساتذة المختصّون في تحليل الخطاب لديهم القدرة العلميّة على تفكيك ذلك الخطاب الإرهابي وكشف سوءته على أُسسٍ علميّة ومنهجيّة، والمختصّون في العلوم الشرعيّة يمتلكون الوعي الكافي في تفنيد المزاعم التي يتّكئ عليها أصحاب الفكر المنحرف، كما لديهم القدرة على نشر خطاب إسلامي وسطي الرؤية معتدل المنهج، وأساتذة الاجتماع وعلم النّفس لهم أدوارهم النّاجعة في بحث الأسباب الاجتماعيّة ومكامن الدّوافع النفسيّة للإرهابيّين وتقديم الحلول النّاجعة لدرءِ مساوئهم وما يعوّلون عليه، وهذا في اعتقادي ممكن؛ بل من أوجب والواجبات.
ومن الحقائق المرّة، وأقسم على ذلك، وأنا محق، أنّ هناك عدداً كبيراً وكبيراً جدّاً من أساتذة الجامعات لم يصدر منهم أي كلمة واحدة في حقّ هذا الوطن، على امتداد سنوات خدمتهم تدين ما تقوم به الفئة الضالة من إرهاب وقتل، وإن حدث من بعضهم فهي كلمة عابرة تقال عرضًا وعلى استحياء؛ فضلًا عن كتابة مقالة محكمة ولو يتيمة في صحيفة سيارة.
أنا هنا لا أقدّم تُهماً، أو مزايدة بقدر ما أحاول استنهاض همم أولاءٍ الأساتذة كي يعلو صوتهم، وتتبين مواقفهم بحكم وعيهم المعرفي، وقدرتهم على طرح الأفكار والآراء، وبحث الأسباب والعلل وتقديم الحلول، والسّعي نحو تفنيد مزاعم الإرهابيين وتفكيك أواصر ما يطرحون من خطابات ومقولات، إذا لم يعد من الممكن في ظلّ ما تعاينه هذه البلاد الطّاهرة من ويلات الفكر المنحرف وسوءاته المتلاحقة، ويبقى في المقابل أصوات تمتلك كلّ مقوّمات الفعل الفكري -أو من المفترض أن تكون كذلك- وهي غائبة وخافتة.!!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة