Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الانتخابات والوصاية على المرأة!

لعلّ من حسنات ممارسة المرأة لحقها الانتخابي -الممضمّن افتراضًا- الاعتراف بأهليتها الكاملة، ومواطنتها الفعّالة، أنه جعل كثيرًا من العوائق المكرّسة لنقص أهليتها في الأنظمة الإجرائية، يطفو على السطح!

A A
لعلّ من حسنات ممارسة المرأة لحقها الانتخابي -الممضمّن افتراضًا- الاعتراف بأهليتها الكاملة، ومواطنتها الفعّالة، أنه جعل كثيرًا من العوائق المكرّسة لنقص أهليتها في الأنظمة الإجرائية، يطفو على السطح! فالملاحظ من خلال الخطوات الأولى للممارسة الانتخابية أن الأنظمة الرسمية ترسخ من وصاية الرجل على المرأة، وكأنها تأخذ منها باليسرى ما أعطته باليمنى! لذا يبدو ممعنًا في السخرية أن تُمّكن المرأة من المشاركة في صناعة القرار بالمجالس البلدية، بينما تضطر لملاحقة عمدة الحي الذي يماطلها ذات اليمين وذات اليسار ليختم وثيقة إثبات سكنها، ثم لا يُكتفى بهويتها الوطنية، بل تطالب بمعرفيّن من الرجال! بينما تتعرّض امرأة أخرى للتلفظ من عمدة حيّها واللمز بالقول: «ما حاجتكنّ بمنافسة الرجال»؟، أو يطالب عمدة آخر بوجود محرم حسب صحيفة الوطن. ناهيك أنه قد تضطر بعض النساء لاستجداء ولاة أمورهنّ، ليوافقوا على أخذهنّ للمراكز الانتخابية التي كثيرًا ما تكون بعيدة عن أماكن السكن، ويصعب الوصول إليها!
من المفارقة أيضًا أن تمكّن المرأة من المشاركة الشعبية، في حين أنها لا تستطيع تحرير عقد إيجار شقة باسمها، حتى لو كانت هي مَن تدفع أجرة السكن! وذلك في ظل تعنّت بعض ملاك العقارات الذين يزايدون على الأنظمة -التي لا تمنع ذلك- في إحكام طوق الوصاية على النساء! وهلمّ جرا من إشكالات تكريس نقص أهلية المرأة، والتي تجعل من حياة المرأة السعودية سلسلة من المتاعب، إذا لم يسعدها الحظ برجل أو رجال متفهمين حولها ليذللوا لها الصعاب.
لاشك أن خروج هذه الإشكاليات لحيز النقاش يصب في مصلحة المرأة، وكسر طوق نقص أهليتها. وكنت قد كتبت من قبل أن المكسب الأهم الذي ستجنيه المرأة من مشاركتها السياسية هو ثقافي في المقام الأول، كونه سيساهم في زحزحة مفهوم دونية المرأة المترسخ في اللاوعي الجمعي، فضلاً على إثبات حقها في مشاركة متساوية مع أخيها الرجل حتى لو كانت في الحدود الضيقة المتاحة.
أثبتت أيضًا مشاركة المرأة في الانتخابات ليس فقط هشاشة وتهافت الممانعات المتعلّقة بالمرأة إذا ما وضعت وجهًا لوجه أمام القرار السياسي، بل ازدواجية معايير بعض الممانعين، وقدرتهم على الالتفاف ليطوّعوا القرارت حسب مصالحهم ورؤيتهم الأحادية المفتئتة على المختلفين معهم. فقد صرح أحدهم أنه لو أخذ رأيه قبل إقرار مشاركة المرأة لما شجّع على الأمر، ولكنه شدد على وجوب مزاحمة الأخوات «الصالحات» لمن يشك في فكرها «التغريبي» لتحول دون وصولها للمجلس البلدي! وهنا يتم تسيس الأمور، ويصبح الأمر حلالاً لهم وحرامًا على الفسطاط الآخر، وإلاّ فما العلاقة بين التغريب وقرارات المجلس البلدي المعني بشؤون البلدية وخدماتها؟!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store