أين العرب؟

منذ أن تولّى الملالي حكم إيران وهم يؤكّدون تصدير (ثورتهم).. وقبلهم كان شاه إيران يعلن أنه (شرطيّ) منطقة الشرق الأوسط، والمهيمن على الخليج، بمباركة أمريكية.. الملالي أبدوا قدرة عالية بتلوين أفكارهم وأفعالهم بشكل نجحوا معه في اجتذاب عدد من المعجبين العرب من الإسلام السياسي، والليبراليين بمختلف ألوانهم. وهو أمر فشل شاه إيران فيه، ودخل في نزاع إعلامي ومخابراتي مع بعض الأنظمة العربية، خاصة ذات الميول الليبرالية منها، وكان من النادر جدًّا أن تقرأ لكاتب عربي يمتدح سياسات الشاه الفارسي، بينما نقرأ هذه الأيام ونشاهد على شاشات التلفزة عربًا يمجّدون نظام حكم ملالي طهران.
ومن الظريف أن يعبر محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، خلال زيارته الأخيرة لتونس، عن سخريته من الوسائط العربية التي تتناقل الحديث عن (نفوذ) لبلاده في أربع عواصم عربيه قائلاً: «احترامنا كبير للعالم العربي، ونعتقد بأن لا هيمنة لأحد على أي عاصمة عربية، والشعوب العربية راشدة وتدير بنفسها عواصم بلدانها».
وكلام (ظريف) ليس صحيحًا، وأسألوا لبنان التي تعاني من عدم وجود رئيس لها، لأن (حزب الله) صنيعة إيران الملالي يعطّل ذلك، وانظروا إلى القوات المحاربة التي يرزح السوريون والعراقيون تحت عبئها. وكذلك إلى اليمن حيث سعى الحوثيون وكلاء طهران إلى تدمير البلاد في سعيهم لإقامة دولة موالية لإيران فيها.. بالإضافة لكل ذلك فإن تعبير الهيمنة الإيرانية على القرار العربي في أربع عواصم أتى من أكثر من شخصية إيرانية مسؤولة. وعندما سقطت صنعاء بيد الحوثيين في (21) سبتمبر من العام الماضي سارع مندوب مدينة طهران في البرلمان الإيراني، على رضا زكاني، إلى القول بأن صنعاء هي رابع عاصمة عربية تسقط في يد إيران بعد بيروت ودمشق وبغداد.
إيران لها أطماع لإعادة الإمبراطورية الفارسية، وإيران هذه بمختلف حكامها أكانوا الشاه، أو الملالي، أو من سيأتي به الأمريكيون بعدهم، يحلمون بإمبراطوريتهم الفارسية، وهناك إستراتيجية إيرانية لاستعمار العالم العربي كمرحلة أولى للانطلاق إلى بناء الإمبراطورية الفارسية الجديدة، ونجحت طهران في التمدد من العراق إلى لبنان، فسوريا، واليمن، بالإضافة إلى تمددها الهادئ داخل أفغانستان. الأمريكيون لهم دور في تهيئة الظروف والأرض لهيمنة إيرانية فعّالة في كل من العراق، وأفغانستان، وسوريا. في المقابل نجد العرب المستهدفين يقومون بردود أفعال على الاستعمار الفارسي الجديد، ولكن بشكل لم يكتب له النجاح حتى الآن (عدا اليمن). ولن يتمكّن العرب من فعل الكثير ما لم تكن لديهم إستراتيجية واضحة ومعلنة تشارك فيها الجماهير إلى جانب الحكومات.
من المؤسف أن تكون متطلبات إعداد وتنفيذ إستراتيجية عربية موحدة غير متوفرة، صحيح جرت مساعٍ في السابق لكنها فشلت، وهناك اليوم محاولات وحدة تكافح للصمود في وجه الإحباط العربي. حيث إن أي إستراتيجية تتطلّب وحدة موقف عربي، وهذا غير موجود. وحتى تحدث صحوة عربية، أو أن ينجح التحالف العربي الحالي الذي تقوده المملكة في أن يكون بالإضافة إلى المشروع الذي قدمته مصر عبر الجامعة العربية لنظام دفاع عربي مشترك نواة صحوة تتوّج بها مواقفها في وجه الأطماع الإمبراطورية للجار الطامع فيها. فإن فارس ماضية في سعيها لاستعمار أكبر جزء ممكن من عواصم العرب.