Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

العادات والتقاليد والتنمية الاقتصادية

لأول وهلة قد يرى البعض أنه لا علاقة بين الاثنين، ولا يربطهما رابط، ولكن وفي واقعنا في المملكة، الرابط واضح ومُؤثِّر، حيث إن العادات والتقاليد تُؤثِّر سلبًا على التنمية الاقتصادية وبصورة كبيرة، والغريب

A A
لأول وهلة قد يرى البعض أنه لا علاقة بين الاثنين، ولا يربطهما رابط، ولكن وفي واقعنا في المملكة، الرابط واضح ومُؤثِّر، حيث إن العادات والتقاليد تُؤثِّر سلبًا على التنمية الاقتصادية وبصورة كبيرة، والغريب أن هذه العادات والتقاليد قويت شوكتها بعد الطفرة الأولى، ولم تكن عائقًا يُذكر في السابق، أو لها تأثير. والسؤال ما هي العادات والتقاليد التي تُؤثِّر في التنمية الاقتصادية؟ والإجابة هي النظرة الدونية لبعض الأعمال والحِرف واعتبار أن ممارستها نوع من العيب، الأمر الذي أثّر سلبًا على سوق العمل، وتسبَّب في فقد وظائف من المواطن لغيره من العمالة المقيمة بسبب العادات والتقاليد. بل وتجد أن هناك تأثيرًا سلبيًّا على قيام وتوسع الأعمال الصغيرة بسبب ذلك، حيث نجد أن امتناع المواطن عن ممارسة بعض المهن، أدى لذهاب الدخل والوظائف للعمالة المقيمة. لو نظرنا لكل دول العالم، وخاصة من حولنا، لوجدنا أن المواطن يقوم ويُمارس جميع المهن دون تحفظ، أو النظر إليها بدونية، بالرغم من أن القبيلة مُنتشرة فيها، وهو ما كان يتم في السعودية حتى فترة السبعينيات الميلادية. حيث كانت كل المهن تُمارس ولم تكن القبلية عائقًا في أن يكون المواطن قائماً بكل المهن، والتي يمكن أن تكون جزءًا من منظومة الأعمال الصغيرة، والتوظيف وزيادة معدلاته.
الانتقائية وبسبب العادات والتقاليد أثّرت حتى على نشوء واستمرارية الأعمال الصغيرة، وفتحت بابًا عريضًا لنا، وهو التستر، حيثُ يَقْنَع المواطن بقليل من الدخل وترك المجال للغير في الدخول والاستفادة. والسؤال من متى في الشرع كانت هناك مهن ووظائف مُحتَقَرَة، وإلى متى تستمر هذه الظاهرة المؤثرة في التنمية الاقتصادية وتحد منها؟ نعم تأخُّر التنمية الاقتصادية وتأخُّرنا في بلوغ مستويات توظيف عالية وإنتاجية، علاوة على المبالغ الطائلة في التحويل من السعودية للعالم سببها في المقام الأول العادات والتقاليد، التي تجد من يدعمها ويعتبر نفسه حاميًا لها ويُمجِّدها. والتي تُعدُّ واحدًا من الأسباب الرئيسة في عدم الاستفادة بصورة قوية من الموارد البشرية. فدول كالصين وتركيا وكوريا والهند استفادت من مواردها البشرية، بل ومعظم دول العالم، ولكن لم تكن فيها عادات وتقاليد تهدم الاقتصاد ولا تبني كالموجودة لدينا. إلى متى يستمر جَلْد الذات والتمسُّك بعادات وتقاليد تُدمِّر ولا تبني، ومن متى كان احتقار المهن والتعامل تجاهها بسلبية؟!.
إنها قضية تحتاج إلى وقفة، وإيجاد الحلول لها، فهي وليدة حديثة لم يُعاصرها آباؤنا أو يؤمنوا بها. فلابد من العودة مرّة أخرى إلى المهن الحرفية بكل أنواعها وتنميتها، وتوجيه الشباب تجاهها، فهي مفتاح الأعمال الصغيرة، ومفتاح المستقبل والتنمية الاقتصادية، وأساس نمو وتطور الصناعة وتوطين الوظائف.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store