Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

البحث عن حل وسط لسوريا

قرر فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي، دخول جيشه حلبة الصراع في سوريا.

A A
قرر فلاديمير بوتين، الرئيس الروسي، دخول جيشه حلبة الصراع في سوريا. وقال أحد خطباء الجمعة التابعين لداعش أن «هذه هدية من الله» لمقاتلي داعش، ونظر إليها على أنها فرصة لمد حرب «دولة داعش» إلى مناطق أوسع، أي إلى روسيا نفسها. وخشية الروس من عشرات المقاتلين الشيشان ضمن داعش وعودتهم إلى منطقتهم لشن حرب تحرير ضد القوات الروسية هناك، هو أحد أسباب القلق الذي دفع بوتين لإرسال الوحدات العسكرية المقاتلة إلى سوريا. حيث يعتقد أنهم إذا لم يتحرّكوا، فإن داعش ستكون هي سيّد سوريا القادم، نظراً لأن أمريكا، كما يراها الروس، غير جادة في دحرها، ومتى تم ذلك، فإن أعدادًا كبيرة من المقاتلين سيُرسلون للقتال في روسيا نفسها.
وليس هذا هو السبب الوحيد الذي يمكن أن يكون دافع موسكو لدخول مستنقع الحرب فى سوريا. بل ترغب في العودة كلاعب رئيسي في الشرق الأوسط، وتسعى لجعل أمريكا تعترف بها كقطب آخر في السياسة الدولية، ويرى بوتين أن تَحرُّكه في سوريا يضعه حيث يشاء في مواجهة النفوذ الأمريكي، والمشاركة في تسوية يُوافق عليها. وكتب رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الروسي تغريدة بتويتر قال فيها: «الولايات المتحدة بحاجة للتعاون فيما يتعلق بسوريا أكثر من حاجة روسيا، فبدون ذلك ستجد أمريكا نفسها في دور ثانوي».. وتحدث جون كيري أيضا عن (حاجة أمريكا) للتعاون مع روسيا فيما يتعلق بسوريا.. وبعد أن كان أوباما يرفض الالتقاء ببوتين بعد أحداث أوكرانيا سارع بالمطالبة الالتقاء به للبحث في الموضوع السوري.
قد يؤدي دخول روسيا العسكري المكثف إلى أن تصبح يدها هي العليا في سوريا، بعد أن كان الإيرانيون هم أصحاب القرار حتى الآن، كما أن تدخُّل سلاح الجو الروسي سيدفع إن عاجلًا أو آجلًا إلى مواجهة في الأجواء السورية فيما بينه والطيران الأمريكي، وقد يجر أمريكا إلى مواجهة مع روسيا على امتداد المنطقة. وهي مواجهة تتجنبها إدارة أوباما في أي مكان من العالم.
ولكن، التدخل الروسي لن يحل مأساة السوريين، والتحدي الأمريكي، إن حدث لهذا التطور الجديد، لن يفيد المواطن السوري.. فالحل أصبح أكثر تعقيدًا مما كان يمكن أن يكون عليه في بدء انتفاضة الشعب السوري ضد الأسد ونظامه.. ولهذا فلابد من مبادرة تدعو إلى حل وسط، قد لا يقبل به السوريون المتشددون الذين يرغبون في إقامة دولتهم العابرة للحدود، وقد لا يرضي الإيرانيين والروس، لأنه لا يترك لهم الانفراد بسوريا. فالأحداث تتجه الآن لا إلى تقسيم سوريا فحسب، وإنما إقامة دولة علوية شيعية على شريط ساحلي بحماية روسية وإيرانية، ومواصلة الحرب في باقي الأراضي السورية. وهذا سيناريو خطير إذ إنه يُشعل حربًا طائفية، برعاية روسية هذه المرة، لن تقتصر على سوريا والعراق فحسب، بل يمكن أن تلهب المشاعر وتحرق المنطقة بكاملها. لذا لابد من حل وسط وتنازلات قاسية من قبل كل الأطراف الفاعلة، وقد يكون تعاون أمريكي- روسي قادر على تحقيق ذلك إذا دفعت الدول العربية وتركيا إليه.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة