Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أمريكا تخسر شعبياً في الخليج

يبدو أن انحسار هيبة أمريكا عالمياً خلال فترة حكم «أوباما» لم تقتصر فقط على علاقاتها الدولية بحلفائها، ولكنها امتدت أيضاً لتشمل جانباً آخر كثيرا ما يتم إغفاله رغم أهميته القصوى، وهو نظرة الشعوب -وليس ا

A A
يبدو أن انحسار هيبة أمريكا عالمياً خلال فترة حكم «أوباما» لم تقتصر فقط على علاقاتها الدولية بحلفائها، ولكنها امتدت أيضاً لتشمل جانباً آخر كثيرا ما يتم إغفاله رغم أهميته القصوى، وهو نظرة الشعوب -وليس الحكومات- للولايات المتحدة واحترامهم لها كقوة عظمى. صحيح أن الولايات المتحدة لا زالت تحظى بشعبية جيدة بشكل عام حول العالم، إلا أن تلك الشعبية تمر بحالة تآكل يصل لدرجة التدهور في دول عديدة، وذلك وفقاً لدراسات قامت بها Pew Research Center أظهرت انخفاضاً كبيراً لشعبية أمريكا في مصر والأردن وتركيا وروسيا وفلسطين واليونان والباكستان ولبنان وتونس وألمانيا، تراوحت فيها نسب عدم الرضا الشعبي تجاه أمريكا من 47% في كل من ألمانيا وتونس، الى 85% في الأردن ومصر. وفي روسيا بلغت النسبة 81% عام 2015م مقابل 71% عام 2014م. بعض وسائل الاعلام الغربية بررت الامتعاض الشعبي الروسي من الغرب بأنه ناتج عن «البروباغاندا» الإعلامية الروسية التي صاحبت غزوهم لأوكرانيا، واصفة إياه بالمفتعل والمتنامي، وغير المسبوق حتى خلال الحرب الباردة. وهذا التبرير- وان كان لا يخلو من بعض الصحة- الا أنه يتجاهل كثيراً من الأخطاء الأمريكية ويلقي بكل اللوم على «آلة الدعاية» الإعلامية الروسية، وهذا يثير تساؤلاً عما اذا كانت «البروباغاندا» هي أيضاً سبب انخفاض شعبية أمريكا في الدول الأخرى المذكورة في الدراسة!
الحقيقة أني تمنيت لو أن دراسات Pew شملت أيضاً دول الخليج العربي وذلك لاستطلاع التحول في آراء شعوبها تجاه الولايات المتحدة خلال السنوات الأخيرة.. وتوقعاتي حيال ذلك هي أن أمريكا ستصاب بالذهول من درجة التدهور الذي أصاب سمعتها في المنطقة المعروفة بكونها أحد أهم حلفائها، وهو تدهور ناتج بطبيعة الحال عن العديد من السياسات الأمريكية غير المرضية خاصة تلك المتعلقة بإيران وسوريا. ويمكن للمتابع العادي ملاحظة ذلك التحول بسهولة بالاطلاع على ما تنشره وسائل الاعلام الخليجية وما يردده كثير من كتَّابها ومثقفيها، إضافة للتفاعلات والنقاشات التي تدور بشكل مستمر في «صحافة المواطن» ومنها شبكات التواصل الاجتماعي.
إن ضعف وتردد السياسات الخارجية الامريكية لم يعد خافياً على أحد، والصورة المتداولة لدى كثير من الناس في المنطقة هي أن أمريكا لم تعد حليفاً يمكن الاعتماد عليه. وواقع الأمر أن الإعلام الغربي نفسه يتحدث عن ذلك الضعف بشكل كثيف غير مسبوق، معتبراً أنه تسبب في اهتزاز مكانة أمريكا، وخسارتها لثقة الحكومات الحليفة، وإعطائه الفرصة للدب الروسي للتمدد والهيمنة.
وفي رأيي فإن أكبر الخسائر الأمريكية في المنطقة ليس أياً من ذلك بقدر ما هو في انحسار تعاطف الشعوب معها وتزايد رفضهم وامتعاضهم من سياساتها بشكل كبير، طال حتى الفئات المعروفة عادة بتأييدها القوي للغرب.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store