Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

التجربة: بين خوف المبتدئ وادّعاء المجرّب!

هُم جرَّبوا قبلك.. ممتاز!! كيف أُصَدِّق التجربة، وأتأكَّد من موثوقيتها، ومصداقية المجرّب وحياديته؟!

A A
هُم جرَّبوا قبلك.. ممتاز!! كيف أُصَدِّق التجربة، وأتأكَّد من موثوقيتها، ومصداقية المجرّب وحياديته؟!
حولي وحولك نوع من البشر يصرُّ على تكرار تجارب الآخرين، ولا يسلّم بمعلومة، أو إيجابية موقف، أو سلبيته مهما تعاظمت الشواهد والأدلة حتّى يتأكّد بنفسه.
ولتوضيح هذه النقطة، سنأخذ عدة تجارب في مجال البحث العلمي، والمجال الاجتماعي، وتجارب كبار السن.
ما حصل للباحث عدنان إبراهيم في موقفه من الخلاف بين السادة الصحابة -رضوان الله تعالى عليهم أجمعين-
موقف السلف الصالح -وما أعتقدُه- هو عدم الخوض فيما حصل؛ لأن مفاسده أكثر من منافعه، هذا للمهتمِّين، فكيف لو طُرح لعامة الناس، وحُفِّز لمناقشته مَن لا يملك من آلة البحث والعلم حتى اللغة!
رأى عدنانُ بنفسه كارثة ما حصل بعد أن (جرّب) فندم وصار يعتذر أمام المشاهدين في حلقة في رمضان قبل العام الماضي. وهذه كانت (تجربة فيما جرّب)!
خذ أيضًا جانبًا اجتماعيًّا آخر عميقًا -سأبسّطه وأسطِّحُه على عجل-، في مشروع تكوين الأسرة، حين يرى الفرد أحيانًا -ذكرًا كان أم أنثى- في أنه أحق بتجربة فريدة في الزواج، ولا يسمح لعقله بالاستفادة من تجارب الآخرين لاعتقاده بانفراده بخصائص ليست لدى الآخرين!! وبالتالي تكرار الأخطاء في الغالب (وهنا أيضًا تجربة).
وعلى الطرف الآخر: ينشط (مدربون) للتعريف بأسس الزواج، وتكوين الأسرة بدعايات ساذجة!! ويطرحون كلامًا عامًّا، وقصصًا مروّعة لا تعلم مدى مصداقيتها على أيّ حال، وعرضًا (مثاليًّا) ينفّر المبتدئ من إكمال الدورة! في وقت لو أتيحت الفرصة للمدرب للاستعداد لمشروع زواج مرة أخرى لن يطبّق ربع ما كان يطرح على متدربيه! وهنا (تجاربُ غير ناضجة، أو غير مكتملة).
وأخيرًا: تجربة الأستاذ الجامعي والموظف الحكومي، الذي ينتقد على الشباب البحث عن وظيفة حكومية ومكتب، مع أنهم -أي الأساتذة والموظفون- متشبثون بمقاعدهم بدلالة تضييق (كثييييير) من الأستاذة، وكبار المسؤولين في الجهات الإدارية على الطامحين إلى الشهادات العُليا باشتراطات تعجيزية، فلو عاد الزمن بالموظف، وأستاذ الجامعة، لما اشتغل منهم واحد بما يدعون إليه، ولكافحوا للوصول إلى المكتب!
القاسم المشترك في هذه التجارب هو (الإملاء) على الآخرين بعد تجاوُز المرحلة.. فقد تصدُق التجربة تمامًا، وقد تصدق مع أناس، وتخيب مع آخرين، كما هي الطبيعة الإنسانية.
والسؤال: متى نعمل بالتجربة، ومتى نستأنس بها؟ ومتى نهملها؟ ومتى نكذِّبها من مطلعها؟!
الاستفادة من تجارب الآخرين تحتاج وعيًا حقيقيًّا و(صعبًا) للتسليم بالتجربة مرة، و(التكذيب) بها مرات! نعم التكذيب.. وليس الحياد.
على سبيل المثال: نعم.. كان الأساتذة يتعبون في الماضي، ويسافرون من أجل معلومة شهورًا، ونحن نسافر إليها اليوم في ثوانٍ، فلم تكن وسائل البحث السهلة متاحة في زمنهم كما الآن...
لكن لا تسمح لأي أستاذ أن (يصدّع) رأسك بهذه التجربة.. ففي زمنهم كانت الدولة تبحث عن الطالب كي يكمل تعليمه، واليوم قبل أن تستمتع بوسائل البحث.. فأين مقاعد القبول؟!
وهذا مثل حال الزاهد فيما ليس عنده!
نريد التجربة العلمية المحكمة هنا في التخطيط.. وهذا ما نحتاج!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store