لجنة التقصي : مجرد خواطر

ولأن الأمر الملكي نص على تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، ولأني شاركت في جولة ميدانية مع بعض الزملاء الكرام، ولأني أحسب أني مراقب مستقل، فقد أحببت أن أدلي بدلوي (الفارغ) خدمة للهدف الكبير، لا لأصب الزيت على النار.أولاً هذه الشركات الرديئة التي تنفّذ مشاريع كبيرة بنفس مستواها من الرداءة لا بد من حسم أمرها بعيدًا عن شعارات (الوطنية) و (السعودة) وغيرها من تلك التي دفعت بمشاريعنا إلى الوراء عشرات السنين، فتضاعفت تكلفتها الحقيقية على المدى الطويل. في حي كيلو 14 مثلا حفرة يزيد قطرها عن 30 مترًا، التهمت عددا من السيارات الصغيرة والكبيرة، والرخيصة والثمينة، والسبب أنها تركت محفورة لشهور طويلة تنتظر إنهاء توصيلات مياه أو أنابيب صرف صحي. والنتيجة سقوط عدد من الضحايا الأبرياء غرقى في مياه السيل الهادر.وأما المسؤول الثاني فهو في نظري نظام المناقصات والمشتريات الذي هو أشد رداءة وسوءًا، هذا النظام الذي (يدقق) في الشكليات ولا يأبه بالنهايات، وهو كالذي يبلع (الزلط) ويغص في حبة اللوز. هذا النظام لا يتنازل عن (ورقة) مهما صغرت مثل إفادة بالسعودة أو تسديد رسوم أو شهادة خلو من الأمراض للعاملين، لكن في المقابل يسمح بعد التوقيع بعمليات بهلوانية مريعة من أهمها (التعاقد من الباطن) حتى عاشر باطن، ليكون المنتج في النهاية أردأ من رديء. طبعًا هذا غير مهم، المهم (الأوراق) و (الأوراق). وحكى لي قريب بأن صديقاً وعده بمنحه عقدًا من الباطن بمجرد توقيعه على العقد مع جهة حكومية، وأنا أعلم تمامًا بأن هذا القريب (ما هو يمها)، لكن في الشارع ألوف العمالة المفلوتة التي ستؤدي الغرض رديئًا بائسًا هزيلاً، كل ذلك غير مهم، المهم (الأوراق).وأما العنصر الأهم، فهو اختيار الرجال.. تلك آلية لم تُحسم إلاّ لصالح (المعرفة) و(المحبة) و(القرابة) و(الشلة)، ويُتوج ذلك كله بعدم المحاسبة على أي تقصير كان خاصة إذا كان من المقربين الذين يُنظر لهم دائمًا بعين الرضا التي هي عن كل عيب كليلة.أعان الله اللجنة وسدد خطاها وكتب لها النجاح. salem_sahab@hotmail.com