Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

التعددية ودورها في محاربة الإرهاب

منذ أن بدأ الإرهاب ،المتلبس بالدين وهو منه براء،  يرمي وطننا بنبال شروره القاعدية سابقاً ثم الداعشية حالياً  ، - والتي كان آخرها ماحدث الأسبوع الماضي في سيهات من انتهاك للأرواح البريئة وس

A A

منذ أن بدأ الإرهاب ،المتلبس بالدين وهو منه براء،  يرمي وطننا بنبال شروره القاعدية سابقاً ثم الداعشية حالياً  ، - والتي كان آخرها ماحدث الأسبوع الماضي في سيهات من انتهاك للأرواح البريئة وسفك للدماء- ونحن نكتب عن أهمية الحلول الفكرية ، حتى نستطيع تفكيك وهدم الفكر الذي يستمد منه الإرهابيون شرعية ما يفعلونه . فالحلول الأمنية تقضي على العرض وتتعامل مع النتيجة وهو أمر مهم ، إلا أننا بحاجة أيضاً الى  الغور بعيداً في السبب المفرخ للإرهاب والقادر دوماً على إشعال فتيله وإعادة إنتاجه ، وتوظيف شبابنا ليستخدموا كأدوات يراد بها إشعال الفتن وضرب مكونات الوطن بعضها ببعض .
فالإرهابيون يتكئون على المقدس « المتوهم « ، ليسفكوا الروح المقدسة والتي جعل الله تعالى حرمتها تفوق حرمة الكعبة المشرفة!.  وهنا لابد من نزع القداسة عن الكراهية الدينية والتأكيد على الاختلاف كسُنَّة قدَّرها الله تعالى على عباده ، وهناك الكثير من الآيات القرآنية التي تقرر أن الاختلاف قدر حتمي على البشر ، وأن التقوى فقط هي المعيار الذي يتم به المفاضلة بين الناس . قال تعالى : «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم «. والتقوى هنا أمر لا يستطيع البشر تقديره وقياسه بالمظاهر الشكلانية ، فمقرها القلوب التي لا يعلم بمكنونها إلا الخالق سبحانه . فيما تقتضي التقوى أيضاً التواضع والبعد عن العجب ، والخوف الدائم من عدم القدرة على التمييز بين الحق والباطل .
من هنا فإن الركيزة الأساسية في محاربة الإرهاب تأتي من بذر قيمة التعددية وتعزيزها والتأكيد عليها ، في الخطاب الديني والوعظي والمناهج الدراسية وفي الخطاب الإعلامي وكافة القنوات المؤثرة في تكوين وتأسيس الوعي الجمعي .  فالتعددية هي النتيجة الطبيعية لكون الله تعالى خلق البشر مختلفين في بيئات ومجتمعات وثقافات تتعدد رؤاها ، وتختلف حتى في أفهامها البشرية وتلقيها للتجربة الدينية، وفي أنساقها الثقافية التي تؤثر بالضرورة في ذلك الفهم . وجلّ البشر لا يختار دينه أو مذهبه بقدر ما يرثه من أبويه ، من خلال ما يغرس داخله في مرحلة الطفولة المبكرة ، مما يصعب بل قد يستحيل تغييره .
ترسيخ قيمة التعددية سيقود بالضرورة إلى تقويض وهم امتلاك الحقيقة المطلقة .فالتطرف الذي يقود حتماً للإرهاب ، تنطلق شرارته بداية من الأحادية ، والإحساس بالتفوق والتميز الذي ينتفخ به المتشدد دينياً على من يراهم خطاة ومذنبين ، في تألٍّ على الله واستسهال لإطلاق الأحكام على البشر ! من هذا الفكر السقيم المنتفخ بالكبر والعجب تتكون البذرة الداعشية الأولى ، ثم تكبر كرة الثلج وتكبر وتمر بأطوار مختلفة من تفسيق وتبديع وصولاً لأُس البلاء : التكفير ،ثم التقرب لله بقتل العاصي والمختلف  !

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store