Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

«ألو.. الحقنا يا دكتور»!

من جماليات البادية القديمة، التشارك في الأسرار قبل الأمور المعاينة، إذ الأبواب مُشرّعة، لتعرف تفاصيل ما يدور في الخيام.

A A
من جماليات البادية القديمة، التشارك في الأسرار قبل الأمور المعاينة، إذ الأبواب مُشرّعة، لتعرف تفاصيل ما يدور في الخيام.
ومن التكرار القول إن البيوت -بوصفها الحالي- ليست أسرارًا فقط.. فالبيوت (أقفاص)، وبكل ما تحمل الكلمة من إيحاءات!
لو أغلق (وحيدٌ) باب منزله الفخم، المصفّح بالأسمنت، فمات فجأة.. لن يعلم به أحد حتى يُعلن جسده (الميّت) عنه!
البيوت غرّبت الإنسان عن مثيله (الكائن الحي) الآخر الذي يسكن بجواره، وهذا المفهوم لم يُكرَّس فينا من فراغ -وحتّى لا يقول قارئ بتشاؤمي المفرط- بل هو بحسب ما تحكيه المبالغة في رفع الحواجز الخرسانية، ومتانتها، وزيادة الانغلاق (بالزنك) فوق أسوار البيوت! حتى الشمس صارت عدوّة؟! ومن الطبيعي إذا خرج مخلوق من هذه المحمية سيجد الهواء غريبًا!! وكل الكائنات غريبة! ومع هذه التعقيدات زاد غموض الإنسان تجاه نفسه، وسأشرح هذه النقطة بالتفصيل في المقال القادم.
نتيجة التعقيد الحالي: أمراض نفسية معقدة، وبسيطة في نفس الوقت! في عيادة الأسنان تسمع: «آسف.. يوجد (مريض) بالداخل»، فهل هو مريض فعلاً بالمعنى المتداول؟! وهل يتحرّج (المراجع) من وصفهم له بالمريض؟ على العكس تمامًا قد ينتشي حال سماعه بحصوله على مقعد، بينما القائمون عند مقاعد الانتظار كُثُر.. ولو سمَّوهُ معتوهًا.. المهم أن يزول الألم لأنّ تهمة النفسية هنا منتفية!
إذن: كيف يقبل (مراجعٌ) عند طبيب الأسنان أن يُنعَت بالمريض، بينما يتحاشى حتى مجرد المرور بباب عيادة الطبيب النفسي؟!
طبييعي جدًّا: لأن المرض النفسي مرتبط عند كثيرين باختلال في العقل، يؤدي في الغالب إلى تصرفات لا إرادية، وقد تشكل خطرًا على المحيط.
وإذا اتفقنا حول هذه النقطة: فتعالوا إلى نقطة أعمق وأهم وأخطر!
كيف هو شعورك أمام حالتين: الأولى/ من يشتكي ألمًا في ضرسه (ظاهرًا)، وأخرى/ لإنسان بدت عليه (مظاهر)، أو (بوادر) التعب النفسي؟!
قد تتعاطف مع الأول المنزعج جدًّا والمتألّم، في حين قد يأخذك شعور غريب، وقلق نحو الآخر، في تصارعٍ مع عطفٍ، وإحساسٍ بمصير مجهول للحالة.. وخوف وتردد من الاتجاه نحوه!
(حدود ألم الضرس معروفة، حتى لو خبط المريض برأسه الجدار، وبكى من الألم، وحدود المرض النفسي غير معلومة)، ومع هذا تجد تعاطفًا واهتمامًا بالحالة الأولى، حتى من الأهل والأقربين، وتجاهلاً أو هروبًا من قبل الجميع تجاه الحالة الثانية. ومحاولة إسكات المسبّب الرئيس المعروف بشيخ (وهمي)، أو تحليل عشوائي للحالة في المجالس!
فأيّ الحالتين أولى؟! وماذا لو علِمتَ بعدوى المرض النفسي، وأنها أخطر من (كورونا)، والتهاب الكبد الوبائي، وسائر الأمراض المعدية؟!
والسؤال: كيف هربت، وتسرّبت أخبار المريض وغيرها رغم كل ما حول البيت من أسوار؟!
وللحديث بقية..
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store