Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

مجلس أمن الدول الكبرى!

مع أن الفصلين السادس والسابع من ميثاق الأمم المتحدة يُنظِّمان الصلاحيات الممنوحة لمجلس الأمن الدولي من أجل حل المنازعات حلا سلميا، وأسندت إليه المسؤولية الأساسية في حفظ السلم والأمن الدوليين في مادته

A A
مع أن الفصلين السادس والسابع من ميثاق الأمم المتحدة يُنظِّمان الصلاحيات الممنوحة لمجلس الأمن الدولي من أجل حل المنازعات حلا سلميا، وأسندت إليه المسؤولية الأساسية في حفظ السلم والأمن الدوليين في مادته 24، إلا أن سطوة مجلس الأمن لازالت ضعيفة وتفتقر إلى الجدية في تنفيذ القرارات، كما لا يتصرف في معالجته تجاه القضايا الساخنة، وخصوصا قضايا الشرق الأوسط، بموضوعية، بل لاعتبارات مصالح دوله الكبرى، وما هو ظاهر في الساحة الدولية من طول أمد للنزاعات؛ لدليلٍ واضح على الضعف الذي هو عليه مجلس الأمن المُكبَّل بـ»الفيتو» -الكارت الأحمر- الذي يُشهره أي عضو من أعضاء الدول الخمس تجاه أي قرار لا يتفق مع مصالح بلاده. هذا ما دعا المملكة إلى أن تتقدَّم للمرة الثانية بطلب ضرورة إجراء إصلاحات على بنية مجلس الأمن، وطلبها منح المجموعة العربية كرسيًّا دائما في المجلس، واستعدادها للتعاون مع بقية الدول الأعضاء في سبيل الإصلاح، حتى لا يفقد العالم أمله في السلام وثقته بمؤسسات العمل الدولي المشترك، وتمكينه فعليا وعمليا من أداء واجباته وتحمل مسؤولياته في الحفاظ على الأمن والسلم الدوليين.
الكل مجمع على ضعف مجلس الأمن، ولعلَّني هنا أشير إلى الهجوم الذي شنّه رئيس وزراء نيوزيلندا على مجلس الأمن لفشله في إنهاء البؤس في سوريا، حيث قال: «لقد حان الوقت للأعضاء لوضع مصالحهم الخاصة والتحالفات التاريخية جانبا من أجل وقف العنف في سوريا، حيث إن حق الفيتو الذي يملكه الأعضاء الدائمون أوجد خللا غير عادي وشكّل قيدا على فعالية مجلس الأمن». وكذلك فرنسا التي تُشاطر المملكة رأيها في عجز مجلس الأمن لمواجهة الأزمة السورية، وتقدمت باقتراح إصلاحي لحق النقض «الفيتو»؛ يتضمن عدم استخدام الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن هذا الحق في حالة وقوع مجازر واسعة، كما هو الحال بالنسبة لسوريا. ويتضح من ذلك على أن هذا الضعف هو ما أدَّى إلى استمرار اضطراب الأمن والسلم واتساع رقعة مظالم كثير من الشعوب واغتصاب الحقوق وانتشار النزاعات والحروب في العالم.
إن الشعار الذي اختارته الأمم المتحدة في ذكراها السبعين الذي جاء فيه «أمم متحدة قوية من أجل عالم أفضل»، لا ينطبق مع ما يشهده العالم من صراعات وتمزُّق في معظم قاراته، كما أن قراراتها غير حاسمة، وشاهدنا في هذا؛ القرارين 237 و242 اللذين صدرا عام 1967 الخاصّين بالقضية الفلسطينية، والذين رسما مبادئ التسوية السلمية في الشرق الأوسط، وانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلتها.. فما الذي تم؟!.
مجلس الأمن -كما أسلفت- هو رهين الدول الخمس الكبرى، يضرب بعصاها، ويرعى مصالحها، فالروس استخدموا الفيتو لإتاحة الفرصة أمام حليفهم الأسد ليُمارس أبشع أنواع الجرائم ضد شعبه، وفي النهاية وقفوا إلى جانبه، يحتفلون معه بالعيد السبعين على أرض سوريا، ومجلس الأمن يقف موقف المتفرج مكبّل بقيود «الفيتو».
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store