مِن أَعْمَق الأمثِلَة العَاميّة التي تَسمعها في حيَاتك، قَول الحِجَازيين -عَليهم سَحائب الرَّحمَة، وأمطَار المَغفرة-: «اللي يخاف مِن الذيب يطلع له»، فهَذا المَثَل يَختصر عَشرَات الكُتب، التي تَتحدَّث عَن الوَهْم، وقَانون الجَذْب، وقَانون العين، وقَانون التَّطيُّر بشَكلٍ عَام..!
وقَبل أنْ نُشير إلَى بَرَاعة الحِجَازيين؛ في صيَاغة هَذا المَثَل، يَجب أنْ أُسارِع وأَقول: بأنَّ المُتنِّبي لَمس هَذا الجرح، وأشَار إليهِ بذَكاءٍ وعُمق، حِين قَال:
وَمَا الخَوْفُ إِلاَّ مَا تَخَوَّفَهُ الفَتَى
وَمَا الأَمْنُ إِلاَّ مَا تَصَوَّرَهُ أَمْنَا
إنَّ الخَوف إحسَاسٌ دَاخلي، يَستجلبه الإنسَان لنَفسه -كَما يَقول المَثَل الحِجَازي- وتَذكُر القصَص أنَّ النَّاس الذين يَخافون مِن حَوَادِث الطُّرق، مَع الأيَّام تَتحقَّق مَخاوفهم، فيَموتون في الحَوادِث..!
كَما أنَّ الذين يَخافون مِن العين، ولَا يَذكرون الأذكَار الطَّارِدَة لَها، يُصابون بِهَا مَع الوَقت، لأنَّ الإنسَان كَائِنٌ ضَعيف، فإذَا سَمع الشّيء عِدّة مَرّات تَوهّمه، وإذَا تَوهّمه تَحقَّق الوَهْم مَع الأيَّام..!
إنَّ الخَوفَ صِفَةٌ ذَميمة بكُلِّ أشكَالها، إلَّا مَا كَان مِن الخَوف المَحمود، الذي ذَكره العُلَمَاء، وأعنِي –هُنَا- حِكمة الإمَام «النيسابوري»، حِين قَال: (الخَوف سرَاجٌ في القَلب، بِهِ يُبصر مَا فِيهِ مِن الخَير والشَّر، وكُلّ أَحدٍ إذَا خِفتَه هَربتَ مِنه، إلَّا الله عَزّ وجَلّ، فإنَّكَ إذَا خِفتَه هَربتَ إليهِ).. ويُؤكِّد ذَلك الإمَام «ابن تيمية»، حَيثُ يَقول: (الخَوف المَحمود مَا حَجَزَك عَن مَحارم الله)..!
حَسناً.. مَاذا بَقي؟!
بَقي أنْ أُناشدكم بتَرك الخَوف، لأنَّه يَصنع الجُبَنَاء، وألَّا تَتوهّموا الأشيَاء السيّئة، لأنَّها مَع الوَقت ستَظهر لَكُم.. وعَليكُم بنَوعٍ وَاحد مِن الخَوف، ألا وهو الخَوف مِن الله عَزَّ وجَلّ..!!!
الخوف ينبع من الجوف !
تاريخ النشر: 01 نوفمبر 2015 01:03 KSA
مِن أَعْمَق الأمثِلَة العَاميّة التي تَسمعها في حيَاتك، قَول الحِجَازيين -عَليهم سَحائب الرَّحمَة، وأمطَار المَغفرة-: «اللي يخاف مِن الذيب يطلع له»، فهَذا المَثَل يَختصر عَشرَات الكُتب، التي تَتحدَّث
A A